فمشيت إليه ومايلته وقبّلت رأسه عليهالسلام ، فقال عليهالسلام : كيف تركت معنا؟ فأخبرته بسلامته ، فقال عليهالسلام : أصبت منه بعد ما جبهك وصاح عليك عشرين ألف دينار سوى ما أصبت من غيره؟ قلت : نعم جعلت فداك ، فقال عليهالسلام : فإنّ معنا جماعة من أصحابك ومواليك وقد كانوا يدعون الله لك ويذكرونك ، فمر لهم بشيء ، فقلت : ذاك إليك جعلني الله فداك ، قال : فأعطهم ما رأيت ، كم في نفسك أن تعطيهم؟ فقلت : ألف دينار ، قال عليهالسلام : إذا تجحف بنفسك ، ولكن فرّق عليهم خمسمائة دينار ، وخمسمائة دينار لمن يعتريك بالمدينة ويهدي إليك.
ففعلت ذلك وقدمت المدينة ، واستخرجت عينا ب «المروة» وعينا ب «المضيق» وعينا ب «السقيا» وبنيت منازل بالبقيع ، فتروني أؤدي شكر أبي عبد الله وولده أبدا؟ وضممت إلي أهلي ورزقت منها عليا والحسن ابني ، والبنات» انتهى ما في مغانم المطابة ص ٢٩٤ ـ ٢٩١.
فالقارئ يرى في هذه الحكاية فوائد كثيرة :
منها : شدة حفاوة مولانا الصادق عليهالسلام بالحسين رض.
ألف ـ كيفيّة تزويج الحسين رض وما آل إليه أمره ، وإخلاص الحسين للإمام الصادق عليهالسلام.
ب ـ عنايته (ع) بشأن كلثم ، وخاصّة إذا كانت هي بنت الأرقط لا أختها ، كما صرّح به العمري ره في المجدي ، مع ما جرى بينه (ع) وبين الأرقط فيما ذكره ابن عنبة ره من أبي نصر البخاري (العمدة ص ٢٥٢).
ج ـ شدّة الضغط والضيق التي كان الصادق عليهالسلام يتحمّلها من قبل بني العبّاس ، حيث لم يتيسّر له أن يودع الحسين نهارا وجهرا ، بل ودّعه ليلا وسرّا ، في مكان شاسع مع بعض بني أعمامه (ع).