فخرجت حتّى قدمت «صنعاء» ففعلت جميع ما أمرني ، ودخلت عليه بإذن عامّ ، فإذا أنا به قاعد وحده ، وإذا برجل جهم الوجه مختضب بالسواد والناس سمّاطان قيام ، فأقبلت حتّى سلّمت ، فردّ السلام وقال : من أنت؟ فأخبرته بنسبي ، فصاح : لا والله لا أريد أن تأتوني ولباب أمير المؤمنين أعود إليكم من بابي.
فقلت له : على رسلك أنا أستغفر الله من حسن الظنّ بك ، وانصرفت من عنده ، فأدركني رجل من أهل بلده ، فأخبرته بخبري ، فقال : قد عوّضك الله خيرا ممّا فاتك.
ثمّ بعث غلاما ، فأتاني بثلاثة آلاف دينار فدفعها إليّ ، وسألنى عمّا أحتاج إليه من الكسوة ، فكتبتها له ، فلمّا كان بعد العشاء دخل عليّ صاحب المنزل ، فقال : هذا الأمير معن بن زائدة يدخل عليك!! فلمّا دخل أكبّ على رأسى ويدي ، ثمّ قال : يا سيّدى وابن سادتي أعذرني ، فإنّى أعرف ما ادارى.
فلمّا قرّ قراره ، أعلمته بالكتاب الذي من أبي عبد الله عليهالسلام فقبّله ، ثمّ أمر لي بعشرة آلاف دينار ، ثمّ قال لي : أيّ شيء أقدمك؟ فأخبرته خبري ، فأمر لي بعشرة آلاف دينار اخرى ، وبعشر من الإبل ، وثلاث نجائب برحالها ، وكساني ثلاثين ثوبا وشيا وغيرها ، وقال لي : جعلت فداك ، إنّي لأظنّ أبا عبد الله عليهالسلام يتطلّع إلى قدومك ، فإن رأيت أن تخفّ الوقفة وتمضي فعلت.
ثمّ ودّعني ، فتلومت بعد ذلك أيّاما ، ثمّ قضيت حوائجي ، ثمّ خرجت حتّى قدمت «مكّة» موافيا لعمرة شهر رمضان ، فإنّي لفي الطواف حتّى لقيت معتبا ، مولى أبي عبد الله عليهالسلام ، فسلّمت عليه وسائلته ، فقال : هو ذا أبو عبد الله عليهالسلام قد وافى ، وانّ أحدث ما ذكرك البارحة.