واعلم أنّ هذه النون إنما دخلت التثنية والجمع ، كالعوض من الحركة والتنوين اللذين كانا في الواحد ، لأنّ الاسم يستحقّ الحركة والتّنوين ، بحكم الاسميّة والتمكّن. فلمّا ضمّ إليه غيره ، لا على سبيل العطف ، وزيد عليه حرف لمعنى التّثنية ، وامتنع ما قبل حرف التثنية والجمع من الإعراب والتنوين ، وألزم حركة واحدة ، ولم تكن التّثنية والجمع أزالتا عنه ما كان له بحكم الاسميّة والتمكّن ، من الحركة والتنوين ، عوّض النون (١) منهما جميعا.
وقد كان ينبغي أن يكون العوض أحد حروف المدّ واللّين ، لخفّتها ، وكثرة زيادتها ، وكونها أمّهات الزوائد ، على ما مرّ. غير أنّهم لو جعلوا حرف مدّ للزم منه قلبه ، لمكان حرف التثنية والجمع قبله ، أو حذفه لالتقاء السّاكنين. فجعلوا العوض نونا ، لأنها أشبه بها ، على ما مرّ (٢).
وهذه النون مكسورة في التّثنية على أصل التقاء الساكنين ، ومفتوحة في الجمع للفرق بينهما ، وطلبا للمعادلة. فأمّا قوله (٣) :
__________________
(١) ش : التنوين.
(٢) انظر ٧٣.
(٣) نسب إلى رؤبة. ديوانه ص ١٨٧ وشرح المفصل ٢ ١٢٩ و