المبحث الرابع
تهافت العامّة واضطرابهم في الإمامة والخلافة
لقد وقعت بعض المذاهب والفرق الإسلامية بتهافت كثير وتناقضات صارخة في كثير من معتقداتها ومقولاتها .. ونعني بها : المرجئة ، والأشاعرة ، والحشوية ، والمجسمة ، والسلفية ، ووريثة ذلك الخليط الوهابية المعاصرة.
وقد سطّر كلٌّ منهم من بدع الآخر الشيء الكثير جداً .. (١) وهي منازعات معروفة بينهم ، وقد يحاول بعض علمائهم إخفاءها والتنكّر لها مخادعةً للبسطاء الذين لا يقرءون ولا يبحثون عن الواقع !
ولعلّ من أهمّ ما وقعوا فيه من تهافت : مقولاتهم المتذبذبة في الإمامة والخلافة ، يتنقّلون من قولٍ إلى قول مع تقلّب الصيغ التاريخية ، كاشفين عن فراغ تامّ في الرؤية لهذا الموضوع المهمّ ، فكلّما وصلت حالة أفرزت خليفة في التاريخ المتقدّم جعلوها تشريعاً ، حتّى انتهى بهم الأمر إلى القول بشرعية الفوضى والفتن والتقاتل على الخلافة ، والقول بشرعية إمامة الفاسق والجاهل والظالم !
__________________
(١) تاريخ بغداد في ترجمة أبي حنيفة. والجزء الأول من منهاج السُنّة ، لابن تيمية. والرد على الطوائف الملحدة ، لابن تيمية. والخطط ، للمقريزي : ٢٦٠. والفصل في الملل والنحل ، لابن حزم. والملل والنحل ، للشهرستاني ، وغيرها.