الجمُّ الغفير من الفريقين ، وكلها نصوص صريحة قطعية متواترة في المقام ، ولكنّ منهج المخالفين لأهل البيت عليهمالسلام ، يصرفون النصوص عن ظواهرها ، ويتأوّلونها كما يشتهون ، وكذلك كانت نظريتهم وقانونهم كلما جوبهوا بالحق لجأوا إلى التأويل الباطل (١) أو تكذيب الاحاديث كلما أعوزهم الدليل على ما يقولون كابن تيمية ونظرائه.
ثم ليعلم هنا أنَّ هذا الادعاء واضح الفساد من أصله ؛ لأن المخالف لشيعة الإمام عليّ عليهالسلام قسمان : قسم ينظر في أخبار الشيعة ويطّلع على أقوالهم ، وفي هذا القسم من يمنعه اعتقاده عن اعتقاد صحتها ، ومنهم المكابر ظاهراً لا باطناً طلباً لحطام الدنيا وتوصّلاً إلى المقاصد العاجلة ، ومنهم المقرُّ المعترف الساتر لأمره ، ومنهم المقرُّ المعترف الصادح بالحق.
وأما القسم الثاني ، فهم من دعاة التعصب الذين لا ينظرون في أخبارنا ألبتة ويطرحونها حتى كأن ـ في عقيدتهم ـ لا تجتمع الوثاقة والتشيّع في شخص مسلم ولذلك فهم لا يعملون بأخبارنا لإهمالهم لها ، والمنكر لتواتر النصّ لا يصعب علينا تشخيص موقعه بينهم.
أما زعمهم إنَّ النصَّ لم يعرفه أهل البيت ، وإنّهم أنكروه ! فهو قولٌ في غاية الغرابة ، بل هو مُنْكَرٌ للغاية ، لأنّ المطّلع على التاريخ وكتب الصحاح والسيرة تتجلى أمامه الحقيقة الناصعة بمعرفة خصوم أهل البيت عليهمالسلام
__________________
(١) تأويلات ابن تيمية الفاسدة التي لا تقوم على مستند علمي في كتابه منهاج السُنّة مثلاً. وكذلك ما نقله في كتاب دراسة عن الفرق في تاريخ المسلمين ( الخوارج والشيعة ) ، للدكتور أحمد محمّد أحمد جلي ١٩٨٨ م ، لاحظ تخبطهم وتعسفهم في تفسير الآية ٥٥ من المائدة وقارن مع ما جاء في تفسير الكشاف ١ : ٦٤٩.