تَفَرّقُوا وَاختَلَفُوا ... ) (١) ؟ فمن الموثوق به على إبلاغ الحجّة وتأويل الحكم إلاّ أبناء أئمة الهدى ، ومصابيح الدجى الذين احتجّ الله بهم على عباده ، ولم يدع الخلق سدىً من غير حجّة ، هل تعرفونهم أو تجدونهم اِلا من فروع الشجرة المباركة ، وبقايا الصفوة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وبرأهم من الآفات وافترض مودتهم في الكتاب .. » (٢).
هذا ، وأما عن احتجاج الخصوم باختلاف الشيعة بعد استشهاد الإمام الحسين عليهالسلام فهم لم يبينوا لنا طبيعة هذا الاختلاف حتى نجيب عليه ، فكأنهم لا يعلمون بالدم الشيعي المراق أخذاً بثارات الإمام الحسين عليهالسلام ، وربما أرادوا بذلك دعوى مهدوية ابن الحنفية ، فإن كان مرادهم هذا فاعلم أن مدّعي ذلك هم الكيسانية لا الشيعة الإمامية ، ونحسبهم أرادوا بهذا ما يُروى عن منازعة ابن الحنفية للإمام عليّ بن الحسين عليهالسلام بشأن الإمامة ، وهذا لم يثبت بخبر صحيح ، بل الثابت عندنا قوله بإمامة ابن أخيه الإمام زين العابدين عليهالسلام ، ثم اعلم أنَّ المتمسِّك بهذه الذريعة الواهية ، لا يعلم بالاختلافات الواصلة إلى درجة التناقض في مسائل شتى هي من صلب عقائد المسلمين ، بدءاً من صفات الله تعالى إلى المعاد إلى غير ذلك من العقائد ، فهل يقدح ذلك في اُصولها ؟! وهل يكون مدعاةً للرفض ؟! ثم الاُمّة المسلمة افترقت ثلاث وسبعين فرقة ، فعلى ماذا كان الافتراق ؟ وهل يعني هذا التشكيك بأصل الإسلام وعقائده لمجرد وقوع الافتراق ؟!!
__________________
(١) آل عمران ٣ : ١٠٥.
(٢) الصواعق المحرقة : ١٢٠.