قال : حدثني محمّد بن عيسى بن عبيد (١) ، عن إبراهيم بن محمّد الهمداني رضياللهعنه (٢). قال : قلت للرضا عليهالسلام : يابن رسول الله ! أخبرني عن زرارة ، هل كان يعرف حقَّ أبيك عليهالسلام ؟ قال : نعم ، فقلت له : فلم بعثَ ابنه عُبيداً ليتعرف الخبر إلى من أوصى الصادق جعفر بن محمّد عليهالسلام ؟ فقال عليهالسلام : « إن زرارة كان يعرف أمر أبي عليهالسلام ، ونصَّ أبيه عليه ، وإنما بعث ابنه ليتعرف من أبي عليهالسلام ، هل يجوز له أن يرفع التقية في اظهار أمرهِ ، ونص أبيه عليه ، وأنّه لما أبطأ عنه ابنه ، طولب باظهار قوله في أبي عليهالسلام ، فلم يُحب أن يُقْدِم على ذلك دون أمره ، فرفع المصحف ، وقال : اللّهم إنّ إمامي من أثبت هذا المصحف إمامته من ولد جعفر بن محمّد عليهماالسلام » (٣).
ولنا فيما يؤيد التزام زرارة بالتقية في ذلك الظرف دليلان :
أحدهما : وصية الإمام الصادق عليهالسلام بعد وفاته ، فعن أيّوب النحوي قال : « بعث إليّ أبو جعفر المنصور في جوف الليل ، فأتيته ، فدخلت عليه وهو جالس على كرسي وبين يديه شمعة وفي يده كتاب .. فقال لي : هذا كتاب محمّد بن سليمان يخبرنا أنّ جعفر بن محمّد قد مات .. ثم قال لي : اكتب ، قال : فكتبت صدر الكتاب ، ثم قال : اكتب إن كان أوصى إلى رجل واحد بعينه فقدّمه واضرب عنقه ، قال : فرجع إليه الجواب : أنّه قد أوصى
__________________
(١) قال بحقه النجاشي : « أبو جعفر ، جليل في أصحابنا ، ثقة عين ، كثير الرواية ، حسن التصانيف روى عن أبي جعفر الثاني عليهالسلام مكاتبة ومشافهه » رجال النجاشي ٣٣٣ / ٨٩٦ ووثقه سائر علماء الشيعة.
(٢) من أصحاب الإمام الرضا والجواد والهادي وكان وكيلاً لهم عليهمالسلام حج أربعين حجة ، وقد أورد الكشي ست روايات فيها تصريح الأئمة عليهمالسلام بجلالته والاشادة بفضله وأمر الناس باطاعته ، رجال الكشي : الاحاديث رقم ١٠٠٩ ، ١٠٥٣ ، ١١٣٥ ، ١١٣٦ وغيرها.
(٣) كمال الدين ، للصدوق ١ : ٧٥.