أي : منتظرة » (١). وهذا من روائع الاستدلال.
وكم يعجبني قول ابن رشد في فصل المقال ، قال : « إنّ ما من منطوق في الشرع مخالف في ظاهره لما أدّى إليه البرهان ، إلاّ إذا اعتُبر وتصفحت سائر أجزائه ، وُجد في ألفاظ الشّرع ما يشهد بظاهره لذلك التأويل أو يقارب أن يشهد » (٢).
وتتأكد صحة قول ابن رشد من خلال تتبع الآيات المتشابهة في تفسير أهل البيت عليهمالسلام التي تدل بظاهرها على التشبيه أو التجسيم ونحوهما. فإنَّ الأصل في تفسيرها ردّها إلى المحكم كقوله تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ ) (٣).
وفي ذلك يقول ابن خلدون : « إنّ الآي القليلة التي توهم التشبيه اتّبعها مبتدعة العصر ، وتوغلوا في التشبيه فوقعوا في التجسيم الصريح ومخالفة آي التنزيه المطلق التي هي أكثر مواردَ وأوضح دلالةً » (٤).
وعلى الرغم من ذلك تجد من يتعصب لتلك الآراء الفاسدة والمعتقدات الباطلة التي ليس لها نصيب من واقع الدين ، ويدافع عنها الأتباع في كل عصر وجيل ؛ لأنهم كما وصفهم أمير المؤمنين عليهالسلام : « همجٌ رعاع ، أتباع كلّ ناعق ، يميلون مع كلِّ ريح ، لم يستضيئوا بنور العلم ، ولم
__________________
(١) بحار الانوار ٩٠ : ٩٨.
(٢) فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال ، لابن رشد : ٣٣.
(٣) الشورى ٤٢ : ١١.
(٤) مقدمة ابن خلدون : ٤٦٣.