عَنِّي ، مَا شَكَكْتُ في الحقِّ مُذ أُرِيتُهُ » (١).
نعم .. إنّها شكاية من اُولئك الذين بخبخوا له بالأمس القريب (٢) ، و أنصارهم وأعوانهم الذين قال فيهم عليهالسلام : « احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة » (٣) بأعينهم ، وراقهم زِبْرِجُهَا ، وقد علموا ـ وأيمُ الله ـ محلَّه منها كمحل القُطب من الرَّحَا ، مما صار ذلك سببا لوقوع الفتن حيث ابتدأت بأهواء اتّبعت ، وأحكام ابتُدِعَت مع ما ضُمّ إليها في العاجل والآجل من متخيلات الأوهام ، ومخترعات الأفهام ، حتى حُمِلتِ النصوص على غير وجوهها.
فترى أحدهم إذا ما مرّ بقوله تعالى : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إلى رَبِّها نَاظِرَةٌ ) (٤) ذهب إليه قومُ موسى عليهالسلام ؛ لِمَا في تراثهم من أضغاث الباطل كما فيفي كَذِبِهِمِ على النبيَّ بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم رأى ربَّه بصورةِ شابٍ أمرد !!
وليتهم تأملوا قوله تعالى : ( مَا كَذَبَ الفُؤادُ ما رَأى ) (٥) اُسنِدت إلى الفؤاد ، لكنَّ العقولَ القاصرة ، والأفهام المبتسرة لم تقف على حقيقة الحال ، ومن أمارة قلَّةِ تدبرهم أنَّ الرؤية في الآية السابقة قد
__________________
(١) نهج البلاغة الخطبة رقم ٤.
(٢) بخبخوا : قالوا له بخٍ بخٍ لكَ يا عليّ أصبحت مولانا ومولى كلِّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ. مسند أحمد بن حنبل في حديث الغدير المتواتر ٤ : ٢٨١.
(٣) نهج البلاغة ، شرح الشيخ محمّد عبدة ١ : ١٢٦.
(٤) القيامة ٧٥ : ٢٢ ـ ٢٣.
(٥) الانعام ٦ : ١٠٣.
(٦) النجم ٥٣ : ١١.