فأما ما يجوز من ذلك فهو ما أفاد النسخ
بعينه ، ويكون إطلاق ذلك عليه على ضرب من التوسع ، وعلى هذا الوجه يحمل جميع ما
ورد عن الصادقين عليهماالسلام
من الأخبار المتضمنة لإضافة البداء لله تعالى دون ما لا يجوز عليه من حصول العلم
بعد أن لم يكن. ويكون وجه إطلاق ذلك فيه تعالى. والتشبيه ، هو أنّه إذا كان ما يدل
على النسخ يظهر به للمكلفين ما لم يكن ظاهراً لهم ، ويحصل لهم العلم به بعد أن لم
يكن حاصلاً لهم أطلق على ذلك لفظ البداء » .
وقد قال استاذه الشيخ المفيد رضياللهعنه ما نصه :
« أقول في معنى البَدَاء ما يقوله
المسلمون بأجمعهم في النسخ وأمثاله : من الافتقار بعد الإغناء ، والإمراض بعد الإعفاء
، والإماتة بعد الإحياء ، وما يذهب إليه أهل العدل خاصة من الزيادة في الآجال والأرزاق
والنقصان منها بالأعمال ، فأما إطلاق لفظ البداء فإنّما صرت إليه بالسمع الوارد عن
الوسائط بين العباد وبين الله عز وجل ، ولو لم يرد به سمع أعلم بصحته ما استجزت
إطلاقه ، كما أنّه لو لم يرد عليَّ سمع بأنّ الله تعالى : يغضب ، ويرضى ، ويحب ، ويعجب
لما أطلقت ذلك عليه سبحانه ، ولكنه لما جاء السمع به صرت إليه على المعاني التي لا
تأباها العقول.
وليس بيني وبين كافة المسلمين في هذا
الباب خلاف ، وإنّما خالف من خالفهم في اللفظ دون ما سواه .. وهذا مذهب الإمامية
بأسرها ، وكل من فارقها في المذهب ينكره على ما وصفت من الاسم دون المعنى ولا
__________________