المبحث الثاني
البَدَاءُ وعلم الله تعالى
إعلم بأنَّ إنكار اليهود للنسخ إنّما هو لاعتقادهم بأنّه خلاف الحكمة ولا يصدر إلاّ عن جهلٍ بالمصالح والمفاسد ، وهذا هو ما صرّح به الغزالي ، والرازي وغيرهما من رؤوس الاشاعرة (١).
ولما كان البداء ـ بمعناه السلبي ـ يلتقي مع فهم اليهود للنسخ ، فعدّوه أيضاً دالاً على خلاف الحكمة كالنسخ ايضاً.
بل تذرعوا في إنكار النسخ بكونه بَدَاء ، والبَدَاء إنّما يتصور بحق من يجهل عواقب الاُمور ، والله تعالى منزّه عنه. وهذا القدر مصرّح به في كتب الأشاعرة وغيرهم (٢).
__________________
(١) المستصفى ، للغزالي ١ : ١١١. والمحصول ، للرازي ١ : ٥٤٣. ومنتهى الوصول والأمل ، لابن الحاجب : ١٥٤ ـ ١٥٥. والتحصل من المحصول ، للارموي ٢ : ١٠. والتقرير والتحبير ، لابن أمير الحاج ١ : ٣٥٢. وتفسير ابن كثير وتفسير الآلوسي وغيرهما عند تفسير الآية (١٠٦) من سورة البقرة المباركة.
(٢) اُصول السرخسي ٢ : ٥٤ ـ ٥٥ و ٢ : ٥٩. والأحكام في أصول الأحكام ، للآمدي ٣ : ١٠٢. وتفسير القرطبي ٢ : ٦٤. والمنخول للغزالي : ٢٨٨. والأحكام في أصول الأحكام ، لابن حزم ٤ : ٤٧. والبرهان ، للزركشي ٢ : ٣٠. والإتقان ، للسيوطي ٣ : ٦٧. والملل والنحل ، للشهرستاني ١ : ٢١١.