والسؤال : لماذا لم يذكر الله عز وجل أمير المؤمنين عليهالسلام باسمه الشريف في هذه الآية ، بينما عبّر عنه بصورة الجمع ، مما كان ذلك مدعاة لحثالة من النواصب أن يصرفوها عن الإمام عليّ عليهالسلام ما استطاعوا ؟!
والجواب على الاِيجاز والاختصار ـ وهو للسيد شرف الدين في مراجعاته الخالدة ـ : إنّ الجمع هنا يفيد التعظيم حيث يستوجب ، ونكتة ألطف وأدق وهي إنّما جاء التعبير بالجمع مع إرادة المفرد بقياً منه تعالى على كثير من النّاس الذين لا يطيقون سماعها بصيغة المفرد ، فالحكمة اقتضت مراعاة هؤلاء ؛ لكي لا يصدر منهم ما تخشى عواقبه من التضليل والتمويه.
ولا يبعد أنْ تكون آية التطهير وآية إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب سبحانه ، قد وضعت على ما هي عليه اليوم لنفس تلك الحكمة ، هذا مع القول بالترتيب التوقيفي الذي لم يثبت تواتره ، وأما مع القول الآخر ، فإنَّ ذا الحجى يدرك غايته.
وإذا ما عرفت هذا ، فاعلم أنّ المراد برواية الكافي هو جمع القرآن الكريم على ترتيب نزول آياته ، ويدل عليه ما أخرجه الشيخ المفيد بسنده عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : « اذا قام قائم آل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ضربت فساطيط لمن يُعَلِّم الناس القرآن على ما انزله الله جلّ جلاله ، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم ؛ لأنه يخالف التأليف » (١) أيّ : الترتيب.
ومعلوم من لسان روايات كثيرة أنّ مصحف الإمام المهدي ( عجلّ الله
__________________
(١) الإرشاد ، للمفيد ٢ : ٣٨٦.