بُيُوتِكُنَّ مِن آياتِ اللهِ وَالحِكمَةِ إنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً ) (١).
ويلاحظ هنا اُمور عدّة ، نكتفي بذكر واحدٍ منها ، وهو :
إنَّ صدر الآية الاُولى ـ وهي الثالثة والثلاثون من سورة الأحزاب ـ يختلف عن ذيلها اختلافاً كليّاً ، فلسان الصدر لسان الانذار والتهديد والوعيد ، ولسان الذيل لسان المدح والثناء والتعظيم.
فلو رفع الذيل ووصلت الآية الرابعة والثلاثون بصدر الثالثة والثلاثين لما حصل أدنى اختلاف في النظم البياني ، ولا البلاغي ، ولا الإيقاعي ، ولا النغمي المعهود في فواصل الآيات ، ولجاء المعنى تامّاً خالياً من أدنى ملاحظة يمكن أن تترتب على رفع ذيل الثالثة والثلاثين. وهذا يدل على أنّ آية التطهير لم تكن في أصل النزول جزء آية بل آية تامة وإنّ وضعها في هذا المكان من سورة الاحزاب إمّا أنْ يكون بتوقيفٍ من النبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم أو بتصويب من جامعي القرآن الكريم بعده.
ونظير هذا بالضبط قوله تعالى ( اليَوْمَ أكمَلتُ لَكُم دِينَكُم وَأتمَمتُ عَلَيكُم نِعمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً ) (٢) فقد اتفق الطرفان على نزول هذه الآية الكريمة في غدير خمٍّ بعد إتمام البيعة لأمير المؤمنين عليهالسلام بروايات كثيرة لا مجال لدفعها بحال من الأحوال (٣). بينما نجد هذا القول
__________________
(١) الأحزاب ٣٣ : ٣٣ ـ ٣٤.
(٢) المائدة ٥ : ٣.
(٣) نسب الخوارزمي الحنفي في كتابه مقتل الإمام الحسين ٧ ١ : ٤٨ رواية نزول هذه الآية الكريمة ـ بعد البيعة للإمام عليٍّ عليهالسلام مباشرة ـ إلى عدد من الصحابة ، وقال ما هذا نصه : « روى هذا الحديث ـ أي الحديث الخاص بنزول الآية بعد البيعة في غدير خم كما نقله الخوارزمي