التاسع عشر : أن تكون النكرة بعد حرف نفى :
ذكر النكرة بعد نفى يعطى معنى الاستغراق ، وهو يفيد الشمول والعموم ، وفى الشمول معنى يناقض معنى التنكير ؛ لأنه إحاطة بأفراد الجنس المذكور ، كأن تقول : ما رجل قائم ، حيث (رجل) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، خبره (قائم) ، والمبتدأ نكرة بعد نفى (ما) ، وتلحظ فيه معنى الشمول ، والتقدير : ما من رجل ، فيتضمن معنى الاستغراق ، ويلحظ أن حرف النفى له صدر الكلام ، فما يقع بعده من نكرة يكون لها الصدر وجاز الابتداء بها.
ومنه قولك : ما سؤال تركناه بلا إجابة (١) ، ما مواطن خائن ، ما قراءة فيها مضيعة للوقت.
والمبتدأ فيها على الترتيب : سؤال ، مواطن ، قراءة ، وكلّها نكرة تقع بعد نفى ، ففيها معنى الشمول ، أما أخبارها فهى : الجملة الفعلية (تركناه) ، خائن ، الجملة الاسمية (فيها مضيعة).
ومنه قولك : ما فاهم الطالبان ، ما كاتب الطلبة. حيث كلّ من : (فاهم ، وكاتب) مبتدأ مرفوع ، وعلامة رفعه الضمة ، وهو نكرة اعتمدت على نفى ، وكل من (الطالبان والطلبة) فاعل سد مسدّ الخبر.
العشرون : أن يكون فى النكرة معنى الحقيقة :
يتمثل لذلك بالقول : تمرة خير من جرادة (٢) ، حيث (تمرة) نكرة ، وهى مبتدأ مرفوع ، خبره (خير). ومعنى الجملة يدل على حقيقة كائنة ، والمبتدأ إن كان نكرة فإنه يدل على معنى الجنس ؛ لأن المقصود فى مثل هذه التعبيرات عن الحقيقة إنما هو الشمول والعموم ، فالمراد جنس التمر لا تمرة معينة ؛ لذا فإن النكرة أصبح فيها معنى الحصر الذى يفاد من شمولها وعموميتها ، وقد لمسنا ما فى الحصر من معنى التحديد الذى يجعل النكرة مخصصة قريبة من المعرفة.
__________________
(١) شبه الجملة (بلا إجابة) فى محل نصب حال.
(٢) ينظر : نتائج الفكر ٤٠٩ / البسيط فى شرح جمل الزجاجى ١ ـ ٥٣٩ / شرح ابن الناظم ٤٥. والجملة من أثر لعمر بن الخطاب ـ رضى الله عنه.