تعدد الخبر
ذكرنا أن الخبر إنما هو صفة أو بمثابة الصفة للمبتدإ ، سواء أكانت صفة لازمة أم غير لازمة ، ولما جاز أن يكون للاسم الواحد أكثر من صفة جاز أن يخبر عن المبتدإ الواحد بأكثر من خبر ، بشرط التلاؤم المعنوى كعدم التناقض ، وكلّها أمور بدهية.
من أمثلة تعدد الخبر لمبتدإ واحد قوله تعالى : (وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [البروج : ١٤ ـ ١٦]. حيث كلّ من (الغفور ، الودود ، ذو ، المجيد ، فعال) خبر عن المبتدإ الضمير (هو).
ومنه قولك : محمد كاتب شاعر مدرس للغة العربية.
كما أنه قد يتعدد الخبر مع اختلاف نوعه اللفظى ، كأن تقول : (الأسد فى القفص ، حول رقبته شعر كثيف ، مرعب المنظر مخيف ، ينظر فى شزر إلى المتفرجين ، يروح ويغدو مغضبا). كل من شبه الجملة (في القفص) ، والجملة الاسمية (حول رقبته شعر) ، والاسمين (مرعب ، مخيف) ، والجملة الفعلية (ينظر) ، والفعلية (يروح) خبر للمبتدإ (الأسد).
والنحاة يقفون إزاء قضية تعدد الخبر فى رأيين :
أولهما : يرى أصحابه جواز تعدد الخبر لمبتدإ واحد ، وعلى هذا فإن الأخبار التالية للخبر الأول تعرب خبرا ثانيا فخبرا ثالثا ... إلخ. والمبتدأ واحد ، وهو المذكور في بداية الجملة.
والآخر : يذهب أصحابه إلى امتناع تتعدد الخبر لمبتدإ واحد ، وإنما يكون لكل مبتدإ خبر واحد ، فإذا تعددت الأخبار لفظا وتوالت فإنه يقدر لكلّ خبر مبتدأ ، يعود على المبتدإ المذكور في بداية الجملة الاسمية.
ولكن إذا كان الخبر متعددا معبرا عن معنى واحد فإنه يجوز ، كما فى القول : الرمان حلو حامض ، أى : مزّ (١) ، وقد رفع سيبويه الخبر الثانى جامعا بين الرأيين السابقين (٢).
__________________
(١) ينظر : المقرب ١ ـ ٨٦.
(٢) ينظر : الكتاب ٢ ـ ٨٦ ..