ومنه قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) [الأعراف : ١٧٠] ، حيث الاسم الموصول (الذين) مبتدأ مبنى فى محلّ رفع ، خبره جملة (إن) مع معموليها (إنا لا نضيع أجر المصلحين) ، وقد استغنى عن الضمير الرابط لتكرار معنى المبتدإ فى الخبر ، فالذين يمسكون بالكتاب هم المصلحون. وهذا أحد الأوجه فى الرابط (١). ومثل ذلك قولك : زيد قام أبو عبد الله ، وأبو عبد الله هو زيد.
ثالثا : الخبر شبه الجملة
النوع الثالث من أنواع الخبر اللفظية هو أن يخبر عن المبتدإ بشبه الجملة (الظرف أو الجار والمجرور) ، شريطة أن تؤدى شبه الجملة مع المبتدإ معنى تاما ، فيقال : محمد فى الحجرة ، والمدرس بين طلابه ، والكتاب فوق المكتب. حيث كلّ من شبه الجملة : فى الحجرة ، بين طلابه ، فوق المكتب إخبار عن المبتدإ السابق لها ، وأحرف الجر التى تقع خبرا عن المبتدإ : من وإلى وفى واللام والباء والكاف وعلى ، وعن.
والنحاة يختلفون فيما بينهم فى كون شبه الجملة خبرا عن المبتدإ على النحو الآتى :
أ ـ يذهب الأخفش والفارسىّ والزمخشرىّ إلى تقدير (كان) أو (استقر) ، وتبعهم ابن الحاجب فى ذلك (٢) ، وحينئذ تكون (كان) أو (استقر) هى العامل فى شبه الجملة ، وتكون جملتها خبر المبتدإ.
ب ـ يذهب جمهور البصريين إلى تقدير (كائن) أو (مستقر) ، ويعزى ابن مالك هذا الرأى إلى سيبويه.
__________________
(١) من الأوجه الأخرى :
ـ أن الرابط ضمير محذوف ، والتقدير : المصلحين منهم.
ـ أن أداة التعريف قائمة مقام الضمير الرابط عند الكوفيين ، والتقدير : أجر مصلحيهم.
ـ الرابط هو العموم ، حيث المصلحون أعم من الذين يمسكون بالكتاب.
(٢) ينظر : المفصل ٢٤ / التسهيل ٩ / شرح المفصل ١ ـ ٩٠ الهمع ١ ـ ٩٨.