وفيات
جلال الدين الدواني :
في هذه الأيام زاد انهماك الناس بالسياسة فصدتهم عن الالتفات إلى العلوم والتبرز فيها ، وتركوا النظر ، أو اهملوا التدريس وصار لا يلتفت إلى العلوم ... فكانت السياسة من جهة والحروب العنيفة من جهة أخرى ، مما شغل الأهلين ، وألهى غالبهم عن الانصراف للعلوم ، والتطلع للفلسفة ، أو الحرص الزائد في طلبها ... وفي الوقت نفسه مال الأمراء بكليتهم للحروب والسياسة فلم ينظروا للعلوم ولا لرجال العلم.
ومترجمنا يعد من فلاسفة عصره ، ومن مشاهير المتكلمين ، استهوته (الأفلاطونية الحديثة) ، والغالب عليه أنه مال إليها من جراء توغله في الكلام ، ومناظراته .. فرأى مباحثها أوفر تفسيرا لما عنده ، وكان التصوف والشعر الفارسي مما جره إلى ناحيتها.
وكانت الآراء السياسية ، والآمال الحربية ، والثورات الكبيرة ، والطغيان والاضطراب مما أثر تأثيره على الآراء العلمية والثورة عليها ، وكانت حالة العصر في تحول عظيم وانتقال فلا يبعد أن يستهوي التصوف هذا الرجل ، فيعتنق فكرة مثل ما جاء في رسالته الزوراء.
والرجل يعد من أقطاب الفلسفة القديمة كان في عصره ذائع الصيت.
ومن مشاهير العلماء في أيام الدولة البايندرية ، انتشر خبره في الأقطار وهو حي ، وعرف بالعلم الجم والفضل الكبير ... كان شافعي المذهب ، وأصله من قرية دوان التابعة لكازرون ، وكان قاضيا بإقليم فارس ، أخذ عن المحيوي اللاري وحسن بن البقال ، وتقدم في العلوم سيما العقليات وأخذ عنه أهل تلك النواحي ، وشد إليه الرحال كثيرون