حوادث سنة ٨٨٩ ه ـ ١٤٨٤ م
أحوال العراق :
المدونات عن العراق في هذه الأيام قليلة ، ولعل الحوادث الكبيرة أنست ، وتوجهت السياسة إلى تبريز عاصمة السلطنة. ولم تتخذ بغداد عاصمة ليروج فيها سوق العلم والأدب ... إلا أن العراق لم يكن في وقت جامدا وإن قلت العناية ، ولم يناصر الملوك الثقافة ويساعدوا على تنميتها ، فالنزعة تبعث ، والتاريخ القومي من أكبر المشوقات.
والعراق لم ير ذلا في أزمانه السابقة ما رآه في هذه الأيام أهملته الحكومة ، ولم تنظر إلى غير الحروب ، والتنعم بأموال الغنائم ، والبذخ ... وقد طمع المجاورون بهذا الإهمال ، وقام المشعشع يغزو العراق ، وليس في الاستطاعة صده ، يسلب ما تيسر منه فكانت وقائعه من أعظم الرزايا ، ففي زمن قوة حكومته ينال هذا العناء ويقاسي هذه المحنة ... جاء في القرماني :
«في سنة ٨٨٩ ه بعث يعقوب شاه عسكرا كثيرا إلى بلاد المشعشع فكسروه كسرا شنيعا ، وكان المشعشع يعد نفسه علويا ، ثم تغالى حتى قال انتقلت روح علي بن أبي طالب عليه السلام إليه ، واستفحل أمره ، واستولى على بلاد ابن علان» (١).
وفي جهان نما لكاتب چلبي :
«تمكن السيد محمد من جمع الناس إليه ، فكان أتباعه يضربون بطونهم بالسيوف إلى أن تلتوي ... واشتهر أمره في خوزستان ، فاستولى عليها ، وخلفه ابنه علي فصار حاكما ، وأغار على العراق العربي ، فزعم أن روح علي بن أبي طالب عليه السلام قد حل فيه وبقي أتباعه على هذا
__________________
(١) أخبار الدول وآثار الأول ص ٣٣٨.