ولما وصل الخبر إلى جهانكير حار في أمره ، وهرب إلى قلعة ماردين ، وتحصن بها وقنع بامتلاكها ، وأطاع أكثر من كان معه من الأمراء أخاه حسن بيك ، فسخر أعمال آمد أيضا في أيسر الأوقات ، فتولى رياسة ألوس آق قوينلو في سنة ٨٥٧ ه.
وهذا هو حسن الطويل. ولا تزال الإدارة لم تستقر لأحد ، والنزاع قائما ... وقد مر من الحوادث ما يعين علاقاته الحربية والسياسية سواء بحكومة مصر ، أو قرا قوينلو ، أو نفس قبيلتهم (آق قوينلو) ، وفي هذه الأيام زادت المشادة بين الأخوين. وكان أعداؤه الآخرون يراقبون الحالة ويتربصون له الدوائر (١) ... وكانت مناصرة أخيه له خير معين له للقضاء على قاسم بيك ، وعلى قليج أرسلان ابن پير علي بيك ... ولكن أقوى العداء ظهر في شخص حسن بيك نحو أخيه ... فقد أعلن حكومته سنة ٨٥٧ ه ، وأن جهانكير تصالح معه ورضي منه بماردين ، وأن تكون سائر أجزاء المملكة والعساكر بيد أخيه حسن بيك ، واتفقا على ذلك ، واستقر جهانكير في ماردين هو وأولاده وعياله ورجاله المختصون به ، وبقي إلى ما بعد موت جهان شاه. وتوفي هو سنة ٨٧٤ ه ، واستقر أولاده بعده ، وكان له ابنان تزوج أحدهما بابنة عمه حسن بيك ، وتوفيا أيضا (٢).
وفي هذا كفاية لمعرفة الحالة أيام جهانكير ، كما أن ترجمته عرفت من وقائع أيامه ، وكل ما هناك أن أخاه حسن بيك لم يقصر في تقريبه ، وقبول صلحه عند كل ظفر وانتصار عليه ، وكان في أعماله هذه ينال عطفا المرة بعد الأخرى ... مما يدل بوضوح على أن آماله أكبر مما
__________________
(١) الغياثي ، وجامع الدول ، والضوء اللامع ج ٣ ص ٨١ وديار بكرية. وهذه أزالت الإبهام عن كثير من الأعلام.
(٢) الغياثي ، وكلشن خلفا وغيرهما.