كذلك إذ ألقى المغول القبض عليه ... وحينئذ توجه الجيش نحو بغداد وقتلوا الأهلين قتلا عاما ؛ فكان المصاب عظيما لا يستطيع البيان أن يعبر عن بعضه فلم يجد القوم ملجأ ، وعاث فيهم التتر فلم يبقوا ولم يذروا ، ودمرت الآثار العباسية وزالت بقاياها من البين ، ودثرت الجوامع وخربت المساجد ، وبلغ الظلم والقسوة حدهما. ودام البلاء والفتك لمدة أسبوع ثم كف عن القتل ...
والحاصل صارت بغداد في قبضته وأضاف إليها الجزائر والبصرة وولى إمارتها إلى ميرزا أبي بكر بن ميران شاه وذهب هو إلى بلاد الروم (المملكة العثمانية) (١).
وجاء في تواريخ عديدة أن تيمور بعد أن عزم إلى الروم ثنى عزمه إلى الشام فسخرها ورجع إلى قلعة آلنجق (النجا) وكان لها عشر سنوات محصورة فتوقف هناك حتى سخرها وقتل سيدي علي الأوغل شاهي الذي كان بها وأرسل جيشا إلى بغداد فامتنعت عليه ووقع الحرب بين أميرها فرخ وبينهم وجاء أمير علي قلندر من البندنيجين وغيره من الأمراء الآخرين وعبروا دجلة من قرب المدائن وسار فرخ شاه من الحلة وميكائيل من السيب فالتقوا جميعا عند صرصر واجتمع معهم مقدار ثلاثة آلاف فارس فوقعت المعركة بينهم وبين الجغتاي حوالي عمارة أمير أحمد فانكسر الجيش العراقي ... إلا أن الأمير فرخ لم يسلم المدينة وحاصر فيها وطلب أن يجيء الأمير تيمور بنفسه فبعث المغول بالخبر إلى تيمور فتوجه إليهم بنفسه من طريق آلطون كبري (٢) وچمچمال وشهرزور فجاء إلى بغداد فلم يصدق الأمير فرخ وأصر على الدوام بالحرب. وليعتقد الأمير فرخ بصحة وجود تيمور جاءهم الشيخ بشر من الصلحاء في الأعظمية فخاطب أكابر الأهلين في بغداد الحاضرين على السور فحلف لهم أن هذا
__________________
(١) كذا في كلشن خلفا وكان ذلك في سنة ٨٠٢ ه.
(٢) وبلفظ آلتون كوپري ومعناه قنطرة الذهب.