على الهمزة كقوله تعالى : (أَفِي اللهِ شَكٌ) [إبراهيم : ١٠] ، وحرف النفي كقولك : «ما في الدار أحد» ، وأنّ كقوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ) [فصلت : ٣٩] فأنّ وما عملت فيه في موضع رفع بالظرف ، وإذا عمل الظرف في هذه المواضع كلها فكذلك فيما وقع الخلاف فيه.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إن الاسم بعده يرتفع بالابتداء لأنه قد تعرّى من العوامل اللفظية ، وهو معنى الابتداء ، فلو قدّر هاهنا عامل لم يكن إلا الظرف ، وهو لا يصلح هاهنا أن يكون عاملا لوجهين :
أحدهما : أن الأصل في الظرف أن لا [٢٨] يعمل ، وإنما يعمل لقيامه مقام الفعل ، ولو كان هاهنا عاملا لقيامه مقام الفعل لما جاز أن تدخل عليه العوامل فتقول «إن أمامك زيدا ، وظننت خلفك عمرا» ، وما أشبه ذلك ؛ لأن عاملا لا يدخل على عامل ؛ فلو كان الظرف رافعا لزيد لما جاز ذلك ، ولما كان العامل يتعداه إلى الاسم ويبطل عمله ، كما لا يجوز أن تقول «إنّ يقوم عمرا ، وظننت ينطلق بكرا» فلما تعداه العامل إلى الاسم كما قال تعالى : (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً) [المزمل : ١٢] ولم يرو عن أحد من القراء أنه كان يذهب إلى خلاف النصب دل على ما قلناه.
والثاني : أنه لو كان عاملا لوجب أن يرفع به الاسم في قولك «بك زيد مأخوذ» وبالإجماع أنه لا يجوز ذلك.
اعترضوا على هذين الوجهين من وجهين :
أما الوجه الأول فاعترضوا عليه بأن قالوا : قولكم «إن العامل يتعدّاه إلى الاسم بعده» ليس بصحيح ؛ لأن المحل عندنا اجتمع فيه نصبان : نصب المحل في نفسه ، ونصب العامل ، ففاض أحدهما إلى «زيد» فنصبه.
وأما الوجه الثاني فاعترضوا عليه بأن قالوا : قولكم «إنه لو كان عاملا لوجب أن يرفع الاسم في قولك : بك زيد مأخوذ» ليس بصحيح ، وذلك لأن «بك» مع الإضافة إلى الاسم لا يفيد ، بخلاف قولنا «في الدار زيد» إذا أضيف إليه الاسم فإنه يفيد ويكون كلاما.
وما اعترضوا به على الوجهين باطل :
أما اعتراضهم على الوجه الأول : قولهم «إنه اجتمع في المحل نصبان : نصب المحل في نفسه ، ونصب العامل» قلنا : هذا باطل من وجهين :
أحدهما : أن هذا يؤدي إلى أنه يجوز أن يكون الاسم منصوبا من وجهين ،