[١٧٦] وفي عوض ثلاث لغات : عوض بالضم ، وعوض بالفتح ، وعوض بالكسر ، وكلّا بمعنى حقّا ، قال الشاعر :
[٢٥٩] أليس قليلا نظرة إن نظرتها |
|
إليك؟ وكلّا ليس منك قليل |
______________________________________________________
البغدادي في الخزانة (٣ / ٢٠٩) وشواهد الزمخشري في المفصل وابن يعيش في شرحه (س ٥٥٩) وابن هشام في مغني اللبيب (رقم ٢٤٦) وابن جني في الخصائص (١ / ٢٦٥ الدار) وأنشده ابن منظور (ع وض ـ س ح م) وانظر القصيدة في ديوان الأعشى (ص ١٤٥ فينا).
واللبان ـ بكسر اللام بزنة الكتاب ـ هو اللبن ، فإن لم تنوّنه فهو مضاف إلى ثدي أم ، وإن نوّنته جررت ثدي أم على البدل أو نصبته على البدل أيضا باعتبار موضع اللبان لأنه في المعنى مفعول به لرضيعي ، أو نصبته بتقدير أعني أو نحوه ، وقوله «تحالفا» يروى مكانه «تقاسما» أي حلف كل منهما وأقسم ، أو عقدا محالفة بينهما ، والأسحم الذي تحالفا عليه : يقال هو الدم ، وكان من عادتهم أن يغمسوا أيديهم في الدم عند ما يتحالفون ، ويقال : هو الرحم ، ويقال : هو حلمة الثدي ، ويقال : هو الليل ، و «عوض» يأتي ظرفا لما يستقبل من الزمان مبنيا على الضم في محل نصب ، تقول : لا أكلمك عوض يا فتى ، تريد لا أكلمك أبدا ، ويأتي بمعنى القسم ، تقول : لا أفعل هذا عوض ، تحلف بالدهر والزمان ، وهذا المعنى هو الذي أراده المؤلف هنا. قال ابن يعيش «أما عوض فهو اسم من أسماء الدهر ، وهو للمستقبل من الزمان ، كما أن قط للماضي ، وأكثر استعماله في القسم ، تقول : عوض لا أفارقك ، أي لا أفارقك أبدا ، كما تقول : قط ما فارقتك ، وعوض مبنية لقطعها عن الإضافة ، وفيها لغتان : الفتح ، والضم ، فمن فتح فطلبا للخفة ، ومن ضم فتشبيها بقبل وبعد ... فإن أضفته أعربته ، تقول : لا أفعله عوض العائضين ، أي دهر الداهرين ، فيكون معربا ، وانتصابه على الظرف لا على حده في :
* بأسحم داج عوض لا نتفرق*
وعوض من لفظ العوض ومعناه ، وذلك أن الدهر لا يمضي منه جزء إلا ويخلفه جزء آخر ، فصار الثاني كالعوض من الأول» اه.
وأغرب ابن الكلبي فزعم أن «عوض» في بيت الأعشى اسم صنم كان لبكر بن وائل ، قال ابن هشام «واختلف في قول الأعشى :
* بأسحم داج عوض لا نتفرق*
فقيل : ظرف لنتفرق ، وقال ابن الكلبي : قسم ، وهو اسم صنم كان لبكر بن وائل ، بدليل قوله :
حلفت بمائرات حول عوض |
|
وأنصاب تركن لدى السعير |
والسعير : اسم لصنم كان لعنزة ، ولو كان كما زعم لم يتجه بناؤه في البيت» اه.
[٢٥٩] هذا البيت ثالث تسعة أبيات رواها أبو تمام في الحماسة (انظر شرح المرزوقي ص ١٣٤٠) ونسبها لابن الطثرية ، واسمه يزيد بن سلمة بن سمرة ، والطثرية أمه ، نسبت إلى طثر ، وهو حي من اليمن. يقول : أليس قليلا نظرة منك إذا حصلت لي ، ثم استدرك على نفسه ناقضا لما اعتقده ، فقال : كلا ، لا قليل منك ، ومثل هذا البيت في المعنى قول الآخر :
هل إلى نظرة إليك سبيل؟ |
|
فيروى الظما ويشفى الغليل |