لا يجوز الجمع بين تعريف النداء وتعريف العلمية في الاسم المنادى العلم نحو «يا زيد» بل يعرّى عن تعريف العلمية ويعرّف بالنداء ؛ لئلا يجمع بين تعريف النداء وتعريف العلمية ، وإذا لم يجز الجمع بين تعريف النداء وتعريف العلمية فلأن لا يجوز الجمع بين تعريف النداء وتعريف الألف واللام أولى ، وذلك لأن تعريف النداء بعلامة لفظية ، وتعريف العلمية ليس بعلامة لفظية ، وتعريف الألف واللام بعلامة لفظية ، كما أن تعريف النداء بعلامة لفظية ، وإذا لم يجز الجمع بين تعريف النداء وتعريف العلمية وأحدهما بعلامة لفظية والآخر ليس بعلامة لفظية فلأن لا يجوز الجمع بين تعريف النداء وتعريف الألف واللام وكلاهما بعلامة لفظية كان ذلك من طريق الأولى (١).
وأما الجواب عن كلمات الكوفيين : أما قوله :
* فيا الغلامان اللّذان فرّا*
[٢١١] فلا حجّة لهم فيه ؛ لأن التقدير فيه «فيا أيها الغلامان» فحذف الموصوف وأقام الصفة مقامه ، وكذلك قول الآخر :
* فديتك يا الّتي تيّمت قلبي*[٢١٢]
حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه ، على أن هذا قليل ، إنما يجيء في الشعر ؛ [١٥٠] فلا يكون فيه حجّة ، على أنه سهّل ذلك أن الألف واللام من «التي» لا تنفصل منها ، فنزلت بعض حروفها الأصلية ، فيتسهل دخول حرف النداء عليها.
وأما قولهم «إنّا نقول في الدعاء يا ألله» فالجواب عنه من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الألف واللام عوض عن همزة «إله» فتنزلت منزلة حرف من نفس الكلمة ، وإذا تنزّلت منزلة حرف من نفس الكلمة جاز أن يدخل حرف النداء عليه ، والذي يدل على أنها بمنزلة حرف من نفس الكلمة أنه يجوز أن يقال في النداء «يا
__________________
(١) هذه إحدى ثلاث علل ذكرها البصريون وأنصارهم ، والعلة الثانية أن تعريف الألف واللام تعريف العهد ، وهو يتضمن معنى الغيبة ؛ لأن العهد يكون بين اثنين ـ هما المتكلم والمخاطب ـ في شأن ثالث غائب عنهما ، والنداء خطاب لحاضر ، فلو جمعت بينهما لتنافى التعريفان ، والعلة الثالثة أن المنادى المقرون بأل إما أن يبنى وإما أن يعرب ، وكلاهما مشكل ، أما البناء فوجه إشكاله من جهتين : الأولى أن الألف واللام من خصائص الأسماء ؛ فهي تبعد الاسم من شبه الحرف الذي هو علة البناء ، والجهة الثانية أن الألف واللام معاقبة للتنوين ، فهي كالتنوين ، فكأن الاسم المقترن بهما منون فمن أجل ذلك استكرهوا دخول الألف واللام مطردا في المنادى المبني ، وأما الإعراب فوجه إشكاله أن العلة التي من أجلها بنوا المنادى ـ وهي وقوع المنادى موقع الضمير ، ومشابهته الضمير في الإفراد والتعريف ـ موجودة في ذي الألف واللام إذا نودي ، فكيف يعرب؟