فقال «يا الغلامان» فأدخل حرف النداء على ما فيه الألف واللام.
وقال الآخر :
[٢١٢] فديتك يا الّتي تيّمت قلبي |
|
وأنت بخيلة بالودّ عنّي |
فقال «يا التي» فأدخل حرف النداء على ما فيه الألف واللام ؛ فدلّ على جوازه.
والذي يدل على صحة ذلك أنّا أجمعنا على أنه يجوز أن نقول في الدعاء «يا الله اغفر لنا» والألف واللام فيه زائدان ؛ فدل على صحة ما قلناه.
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه لا يجوز ذلك لأن الألف واللام تفيد التعريف ، و «يا» تفيد التعريف ، وتعريفان في كلمة لا يجتمعان ؛ ولهذا
______________________________________________________
[٢١٢] هذا البيت من شواهد سيبويه (١ / ٣١٠) والزمخشري في المفصل (رقم ٣٥ بتحقيقنا) وابن يعيش في شرحه (ص ١٧٢) وأسرار العربية للمؤلف (ص ٩٣) ورضي الدين في شرح الكافية (١ / ١٣٢) وشرحه البغدادي في الخزانة (١ / ٣٥٨) وقوله «فديتك» قد روي «من أجلك يا التي» بإلقاء حركة الهمزة من «أجلك» وهي الفتحة على النون قبلها وحذف الهمزة ، و «تيمت قلبي» أي استعبدته وأذللته ، وقوله «بالود» هو كذلك في كتاب سيبويه وشرح الأعلم ، وورد في المفصل «بالوصل» ومحل الاستشهاد قوله «يا التي» حيث جمع بين حرف النداء وأل ، مع أن أل في هذه الكلمة لازمة لا يجوز إسقاطها ؛ لأنها لازمتها من حال الوضع ، ولهذا يزعم البصريون أن هذا البيت أخف شذوذا من البيت السابق (رقم ٢١١) لأن الألف واللام في قول الشاعر «فيا الغلامان» ليسا بلازمين ، قال الأعلم : «الشاهد فيه دخول حرف النداء على الألف واللام في قوله «يا التي» تشبيها بقولهم «يا الله» للزوم الألف واللام لها ، ضرورة ، ولا يجوز ذلك في الكلام» اه.
وقال ابن يعيش «وأما بيت الكتاب :
* من أجلك يا التي تيمت قلبي ـ إلخ»
فشاذ قياسا واستعمالا ، فأما القياس فلما في نداء ما فيه الألف واللام على ما ذكر ، وأما الاستعمال فظاهر ، فإنه لم يأت منه إلا ما ذكر ، وهو حرف أو حرفان ، ووجه تشبيهه بيا الله من جهة لزوم الألف واللام وإن لم يكن مثله ، والفرق بينهما أن الذي والتي صفتان يمكن أن ينادى موصوفهما وينوي بهما صفتين كقولك : يا زيد الذي في الدار ويا هند التي أكرمتني ، ويقع صفة لأيها ، نحو قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) و (يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ) وليستا اسمين ، ولا يكون ذلك في اسم الله تعالى ؛ لأنه اسم غالب جرى مجرى الأعلام كزيد وعمرو» اه.
وقال أبو سعيد السيرافي : «كان أبو العباس لا يجيز يا التي ، ويطعن على البيت ، وسيبويه غير متهم فيما رواه ، ومن أصحابنا من يقول : إن قوله يا التي تيمت قلبي على الحذف ، كأنه قال : يأيها التي تيمت قلبي ، فحذف ، وأقام النعت مقام المنعوت» اه.