إليه لوجب أن تسقط نون الجمع معها في نحو «واقنّسروناه» لأنا نقول : نحن لا نجوّز ندبة الجمع الذي على هجاءين ؛ فلا يجوز عندنا ندبة «قنسرون» بحذف النون ولا إثباتها كما لا يجوز تثنيته ولا جمعه.
قالوا : ولا يجوز أيضا أن يقال «إن هذا يبطل بالمنادى المضاف ، نحو : يا عبد عمرو ؛ فإنه يفتقر في باب الصوت إلى ما يفتقر إليه المفرد ؛ فكان ينبغي أن يقال : يا عبد عمرو ـ بالضم ـ لأن أصله : يا عبد عمراه» لأنا نقول : إنما لم يقدر ذلك في المنادى المضاف لأجل طوله ، بخلاف المفرد ، فبان الفرق بينهما.
وأما المضاف فإنما وجب أن يكون مفتوحا لأن الاسم الثاني حلّ محل ألف الندبة في قولك «يا زيداه» والدال في «يا زيداه» مفتوحة ، فبقيت الفتحة على ما كانت في «يا عبد عمرو» كما كانت في «يا زيداه» والمضموم هاهنا بمنزلة المنصوب ، والمنصوب بمنزلة المندوب ، ولا يقال إنه نصب بفعل ولا أداة.
قال : والذي يدل على أن المفرد بمنزلة المضاف [١٤٤] امتناع دخول الألف واللام عليه ، والذي يدل على أنه ليس منصوبا بفعل امتناع الحال أن تقع معه ؛ فلا يجوز أن يقال «يا زيد راكبا» ، والذي يدل على أنه بمنزلة المضاف وإن أفرد حملك نعته على النصب نحو «يا زيد الظّريف» كما يحمل نعته على الرفع نحو : «يا زيد الظريف».
وأما البصريون فاحتجوا بأن قالوا : إنما قلنا إنه مبنيّ وإن كان يجب في الأصل أن يكون معربا لأنه أشبه كاف الخطاب ، وكاف الخطاب مبنية ؛ فكذلك ما أشبهها. ووجه الشبه بينهما من ثلاثة أوجه : الخطاب ، والتعريف ، والإفراد ، فلما أشبه كاف الخطاب من هذه الأوجه وجب أن يكون مبنيا كما أن كاف الخطاب مبنية.
ومنهم من تمسك بأن قال : إنما وجب أن يكون مبنيا لأنه وقع موقع اسم الخطاب ؛ لأن الأصل في «يا زيد» أن تقول : يا إيّاك ، أو يا أنت ؛ لأن المنادى لما كان مخاطبا كان ينبغي أن يستغنى عن ذكر اسمه ويؤتى باسم الخطاب فيقال : «يا إياك» أو «يا أنت» كما قال الشاعر :
[٢٠٤] يامرّ يا ابن واقع يا أنتا |
|
أنت الذي طلّقت عام جعتا |
______________________________________________________
[٢٠٤] هذه خمسة أبيات من الرجز المشطور ، وهي لسالم بن دارة يقولها في مر بن واقع (انظر شرح التبريزي على الحماسة بتحقيقنا) وقد استشهد بالبيتين الأول والثاني رضي الدين في باب النداء من شرح الكافية ، وشرحه البغدادي في الخزانة (١ / ٢٨٩) وابن يعيش في شرح