فقوله «من ماء الحديد» في موضع رفع ؛ لأنه صفة أبيض ، وتقديره وأبيض كائن من ماء الحديد ، ونحوه أيضا قول الآخر :
[٩٣] لمّا دعاني السّمهريّ أجبته |
|
بأبيض من ماء الحديد صقيل |
وأما قولهم «إنما جوّزنا ذلك لأنهما أصلان للألوان ويجوز أن يثبت للأصل ما لا يثبت للفرع» قلنا : هذا لا يستقيم ، وذلك لأن سائر الألوان إنما لم يجز أن يستعمل منها «ما أفعله ، وأفعل منه» لأنها لازمت محالها ، فصارت كعضو من الأعضاء ، فإذا كان هذا هو العلة فنقول : هذا على أصلكم ألزم ، وذلك لأنكم تقولون : إن هذه الألوان ليست بأصل في الوجود ، على ما تزعمون ، بل هي مركبة من البياض والسواد ؛ فإذا لم يجز مما كان متركبا منها لملازمته المحل فلأن لا يجوز مما كان أصلا في الوجود وهو ملازم للمحل كان ذلك من طريق الأولى ، والله أعلم.
______________________________________________________
[٩٣] أنشد ابن يعيش (ص ١٠٤٦) عجز هذا البيت ، ولم يعزه إلى قائل ، والظاهر أن «السمهري» هنا اسم رجل ، وأصل السمهري الرمح ، منسوب إلى رجل كان يبيع الرماح بالخط ، واسم امرأته ردينة ، فأحيانا ينسبون الرماح إليه فيقولون : رمح سمهري ، ورماح سمهرية ، وأحيانا يضيفونها إلى امرأته فيقولون : رديني ، أو رماح ردينية ، وأحيانا ينسبونه إلى مكانهم فيقولون : خطي ، والقول في الاستشهاد بهذا البيت كالذي ذكرناه في الشاهد السابق.