وأشار إلى الثّاني بقوله :
... وفي أنّ وأن يطّرد |
|
مع أمن لبس كعجبت أن يدوا |
يعني : أنّ حذف حرف الجرّ مع «أنّ ، وأن» المصدريتين مطّرد ، إذا أمن اللّبس ، فتقول : «عجبت من أنّك تقوم : (و «عجبت أنّك تقوم») (١) ، و «عجبت من أن تقوم» ، و «عجبت أن تقوم» ، و «عجبت أن يدوا» (٢) ، أي : من أن يعطوا الدّية (٣).
واحترز بقوله : «مع أمن لبس» من نحو «رغبت في أن تقوم ، ورغبت عن أن تقوم» ، فلا يجوز حذف حرف الجرّ هنا ، لئلّا يلتبس.
وإنّما اطّرد حذف حرف الجرّ مع «أنّ ، وأن» لطولهما بالصّلة.
واختلف في موضعهما بعد الحذف :
فقيل : في موضع جرّ (٤).
وقيل : في موضع نصب (٥) ، وهو أقيس (٦)(٧).
__________________
(١) ما بين القوسين ساقط من الأصل. انظر شرح المكودي : ١ / ١٤١.
(٢) يدوا : مضارع «ودى» كـ «وعد» وأصل المضارع قبل الإسناد «يودي» ، كـ «يوعد» ، فأسند إلى واو الجماعة ، فصار «يوديون» فحذفت الواو الأولى فاء الكلمة عملا بقول الناظم :
فا أمر أو مضارع من كوعد |
|
احذف ... |
فصار «يديون» استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى الدال بعد سلب حركتها ، فالتقى ساكنان الياء والواو ، فحذفت الياء لسبقها ، ثم دخل الناصب فحذف النون لقوله :
وحذفها للجزم والنّصب سمه
فهو معرب منصوب بحذف النون. انظر في ذلك حاشية ابن حمدون : ١ / ١٤١.
(٣) انظر شرح المكودي : ١ / ١٤١ ، شرح الأشموني : ٢ / ٩١ ، اللسان : ٦ / ٤٨٠٢ (ودى) ، البهجة المرضية : ٧٥ ، شرح دحلان : ٧٥.
(٤) نسب ابن مالك هذا الرأي للخليل والكسائي ، ونسبه ابن عقيل للأخفش ، وقيل : هو مذهب سيبويه. ورد بأنه ليس في كلام سيبويه تعيين الجر حتى يجعل مذهبا له.
انظر شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٦٣٤ ، شرح ابن عقيل : ١ / ١٨٠ ، الأشموني مع الصبان : ٢ / ٩٢ ، التسهيل : ٨٣ ، البهجة المرضية : ٧٥ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣١٣ ، شرح المكودي : ١ / ١٤١.
(٥) وهو مذهب الخليل والكسائي. انظر الكتاب : ١ / ٤٦٤ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣١٣ ، ابن عقيل مع الخضري : ١ / ١٨٠. ونسبه ابن مالك وغيره لسيبويه والفراء. انظر شرح الكافية لابن مالك : ٢ / ٦٣٤ ، شرح الأشموني : ٢ / ٩٢ ، البهجة المرضية : ٧٥. ونسب ابن عقيل لسيبويه جواز الوجهين ، فقال الخضري : «فإنّه قال ـ يقصد سيبويه ـ بعد أن ذكر أمثلة من ذلك ـ : «ولو قيل إن الموضع جر لكان قويا ، ولذلك نظائر كقولهم : «لاه» أبوك