ثمّ قال رحمهالله تعالى :
والأصل سبق فاعل معنى كمن |
|
من ألبسن من زاركم نسج اليمن |
ويلزم الأصل لموجب عرا |
|
وترك ذاك الأصل حتما قد يرى |
يعني : إذا كان الفعل متعدّيا لاثنين من غير باب «ظنّ» ، فلا بدّ أن يكون أحدهما فاعلا في المعنى ، وأصله أن يتقدّم على ما ليس فاعلا في المعنى ، كقولك : «أعطيت زيدا درهما» ، فـ «زيد» هو الفاعل في المعنى ، لأنّه هو الذي أخذ الدّرهم ، وكقوله : «ألبسن من زارك نسج اليمن» ، فـ «من زاركم» مفعول أوّل لـ «ألبسن» ، و «نسج اليمن» مفعول ثان ، والأوّل / هو الفاعل في المعنى ، لأنّه هو الذي لبس نسج اليمن (١).
ثمّ إنّ المفعول الأوّل في ذلك على ثلاثة أقسام :
قسم يجب فيه تقديم ما هو فاعل في المعنى ، وقسم يجب فيه تأخيره ، وقسم يجوز فيه الوجهان.
وقد أشار إلى الأوّل بقوله :
ويلزم الأصل لموجب عرا
أي : لموجب غشي وجاء (٢) ، والموجب الذي يوجب تقديمه هو اللّبس ،
__________________
«أي : لله أبوك» ثم نقل النصب عن الخليل ، فعلم أنه يجوز الأمرين ، وأما نسبة الجر إلى الخليل والنصب إلى سيبويه كما في الأشموني تبعا للتسهيل وكذا في البيضاوي عند(إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي) فسهو». انتهى.
انظر الكتاب : ١ / ٤٦٤ ـ ٤٦٥ ، ابن عقيل مع الخضري : ١ / ١٨٠ ـ ١٨١ ، التسهيل : ٨٣ ، الأشموني مع الصبان : ٢ / ٩٢ ، التصريح على التوضيح : ١ / ٣١٣.
في الأصل : قيس. انظر شرح المكودي : ١ / ١٤١.
وأقيس : أي : أقوى قياسا ، لأن قائله قاس على ما إذا كان المجرور غير «أنّ وأن» فإنه ينتصب لضعف حرف الجر عن أن يعمل محذوفا. وقائل القول الأول قاس على مجرور «رب» مع أن من النحاة من يجعل الجر عند حذف «رب» بواو «رب» لا بـ «رب» فأفعل التفضيل على بابه.
انظر شرح المكودي : ١ / ١٤١ ، الأشموني مع الصبان : ٢ / ٩٢ ، حاشية الخضري : ١ / ١٨٠ ـ ١٨١.
(١) ونسج : مصدر بمعنى اسم المفعول ، أي : منسوج. انظر شرح المكودي : ١ / ١٤١ ، إعراب الألفية : ٤٩.
(٢) انظر شرح المكودي : ١ / ١٤٢ ، وفي اللسان (٤ / ٢٩٢٢ ـ عرا) : «وعرى إلى الشيء عروا باعه ثم استوحش إليه». وفي شرح المرادي (٢ / ٥٥) : «وقوله : «عرا» أي : وجد». وانظر