ويحتمل قويّاً أن يكون وجه اعتبار قاعدة الإمكان لدى العرف والعقلاء : الغلبةَ ، وعلى هذا التقدير أيضاً لا يرجع إليها إلّا في الموارد الخالية عن أمارةٍ مقتضية لخلافها ، كما لا يخفى وجهه ، وأمّا مع وجود ما يقتضي خلافها : فالحكم ما عرفت من الرجوع إلى الطرق التعبّديّة ، ومع فقدها فالمرجع استصحاب الحالة السابقة من الطهارة أو الحيض ، والاحتياط ممّا لا ينبغي تركه على كلّ حال ، والله العالم بحقائق أحكامه.
(وتصير المرأة ذاتَ عادة بأن ترى الدم دفعة ثمّ ينقطع على أقلّ الطهر فصاعداً ثمّ تراه ثانياً بمثل تلك العدّة) بلا خلاف فيه ، بل في الجواهر (١) وغيره (٢) دعوى الإجماع عليه نقلاً وتحصيلاً ، خلافاً لما حكي (٣) عن بعض العامّة من أنّها تصير ذاتَ عادة بمرّة واحدة ، وربما نقل (٤) عن بعض أصحابنا موافقته.
وفيه : ما لا يخفى بعد مخالفته للإجماع وصريح النصوص الآتية.
وربما نوقش فيه : بمخالفته لمبدإ اشتقاق العادة ؛ فإنّها من العود.
ويمكن التفصّي عنها بأنّ المراد من كونها ذات عادة كونها عارفةً بمقدار ما تقتضيه طبيعتها من قذف الدم بحسب استعداد مزاجها ،
__________________
(١) جواهر الكلام ٣ : ١٧١.
(٢) الحدائق الناضرة ٣ : ٢٠٧ ٢٠٨ ، مدارك الأحكام ١ : ٣٢٥ ، تذكرة الفقهاء ١ : ٢٥٩ ، المسألة ٨٤.
(٣) الحاكي هو العاملي في مدارك الأحكام ١ : ٣٢٥ ، وانظر : المهذّب للشيرازي ـ ١ : ٤٨ ، والمجموع ٢ : ٤١٧ ، وحلية العلماء ١ : ٢٨٨ ، والعزيز شرح الوجيز ١ : ٣١٦ ، والمغني ١ : ٣٦٣ ، والشرح الكبير ١ : ٣٥٨.
(٤) كما في جواهر الكلام ٣ : ١٧١.