فالتمييز أو التخيير مطلقاً ، كما سيأتي تنقيحه في نظائر المقام ممّا كان للحيض جهة امتياز واختلاط من حيث الوقت أو العدد ، فليتأمّل.
وليعلم أنّه كثيراً ما يتمسّك في جملة من هذه الفروع كالحكم بكون الأسودين الحافّين بالأصفر حيضاً بقاعدة الإمكان.
وفيه : أنّ القاعدة إنّما يعتنى بها في الموارد التي لو خلّيت المرأة ونفسها لا تعتني بسائر الاحتمالات بأن كان شكّها في كون الدم ليس بحيض بدويّاً غير مسبّب عن سببٍ محقّق ، وأمّا في مثل هذه الفروض ممّا علم وجود كلٍّ من الدمين واختلط أحدهما بالآخر وتحيّرت المرأة في أمرها وتشخيص كلٍّ منهما من الآخر فلا ، كما يظهر وجهه بالتدبّر فيما أسلفناه في تحقيق قاعدة الإمكان.
تنبيه : لا إشكال في حصول التميز بأوصاف الحيض والاستحاضة المنصوصة في النصوص المعتبرة ، كالسواد والحرارة والدفع وأضدادها ، وأمّا غيرها ـ كالغلظة والنتن فربما يستشكل في الاعتماد عليها ، لكن ظاهر كلمات غير واحد منهم حصول التميز بها ، بل كونها مثل المسلّمات حيث قالوا : إنّ القوّة والضعف تحصل بصفات ثلاث :
الاولى : اللون ، فالأسود قويّ الأحمر ، وهو قويّ الأشقر ، وهو قويّ الأصفر والأكدر ، كما عن النهاية (١).
وزاد في المسالك : إنّ الأصفر قويّ الأكدر (٢).
__________________
(١) الحاكي هو الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٢١١ ، وانظر : نهاية الإحكام ١ : ١٣٥.
(٢) مسالك الأفهام ١ : ٦٨.