«الميسور لا يسقط بالمعسور» (١) ومن المعلوم أنّ الطهارة الخبثية ـ التي هي شرط في الصلاة ـ لم يرد منها الشارع مفهوما مغايرا غير ما بأيدينا من معناها اللغوي ، وهي النظافة ، غاية الأمر أنّ الشارع اعتبر في حصول المرتبة العالية منها ـ التي جعلها شرطا في صحّة الصلاة ـ شرائط لم تكن تنالها عقولنا لو لم يبيّنها الشارع ، فبيانه للشرائط والكيفيّات المخصوصة كاشف عن عدم حصول المرتبة الكاملة من الطهارة التي اعتبرها شرطا للصلاة ونحوها إلّا بها ، وهذا لا يقتضي خروج ما عداها من المراتب عن صدق النظافة عليها عرفا ، وإنّما يقتضي عدم إجزاء ما عداها من المراتب العرفية في مقام امتثال الأوامر الشرعية مطلقا لو لا قاعدة الميسور ، ولازمه سقوط التكليف عند تعذّر الشرائط ، وأمّا بعد تصريح الشارع بأنّ الميسور لا يسقط بالمعسور يستفاد منه عدم سقوط التكليف بالتعذّر ، وأنّ اعتبار هذه الشرائط والكيفيّات المخصوصة مخصوص بحال التمكّن.
وبالجملة ، صدق النظافة عرفا على إزالة العين في الجملة ولو باتّصافها بالناقصة ممّا لا تأمّل فيه ، وهذا المقدار كاف في جريان القاعدة.
نعم ، في كون تقليل عين النجاسة من مراتب النظافة عرفا تأمّل ، كما أنّ صدقها على إزالة المتنجّسات عن البدن مع بقاء أثرها لا يخلو عن إشكال ، إذ لا فرق بين الحالّ والمحلّ بنظر العرف في النجاسة الحكمية ، ولا يتعقّل العرف للحالّ قذارة زائدة على المحلّ حتى يحصل بإزالة الحالّ مرتبة من النظافة التي لم تكن قبلها ، ولا تكون إزالة عين المتنجّس إلّا
__________________
(١) غوالي اللآلي ٤ : ٥٨ ـ ٢٠٥.