لما نحن فيه خطأ فاحش ، مع أنّ إرادة ظاهرها يشبه الإخبار عن الواضحات ، مع أنّ في بعض تلك الروايات ما يمنع عن ذلك ، مثل : قوله عليهالسلام :«لا قول إلّا بعمل ، ولا عمل إلّا بنيّة ، ولا نيّة إلّا بإصابة السنّة» (١).
وفي آخر : «لا قول ولا عمل ولا نيّة إلّا بإصابة السنّة» (٢).
فالأظهر في هذه الأخبار حمل النبويّين منها على إرادة نفي الجزاء على الأعمال إلّا بحسب النيّة ، فالعمل لا يكون عملا للعبد يكتب له أو عليه إلّا بحسب نيّته ، فإذا لم تكن له نيّة فيه ، لم يكتب أصلا ، وإذا نوى ، كتب على حسب ما نواه حسنا أو سيّئا.
وأمّا قوله عليهالسلام : «لا عمل إلّا بنيّة» فالظاهر منه إرادة العمل الصالح ، وهي العبادة المنبعثة عن اعتقاد النفع فيه (٣). انتهى كلامه رفع مقامه.
أقول : الظاهر أنّ مراده ـ رحمهالله ـ من العنوان الخاصّ هو العنوان الذي وقع في حيّز الأمر من حيث كونه مأمورا به ، وإلّا فقد عرفت فيما سبق أنّ إقامة البرهان على إرادة كون الغسل مثلا بعنوان كونه غسلا اختياريّا أيضا لا ينفع المستدلّ في إثبات مدّعاه ، فليتأمّل.
المرحلة الثانية : في بيان ماهيّة النيّة.
(وهي) لغة وعرفا بل وشرعا : إرادة الشيء والعزم عليه والقصد إليه.
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٣١ ـ ٤ (الجزء الأوّل) وبحار الأنوار ١ : ٢٦١ ـ ٢٦٢.
(٢) الكافي ١ : ٧٠ ـ ٩ ، الوسائل ، الباب ٥ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٢.
(٣) كتاب الطهارة : ٨٠.