أغلب الأغسال المستحبّة ممّا يمكن الالتزام فيها بالكفاية ولو على تقدير تأخّر سببها ، بدعوى : حصول ما هو المقصود منها بغسل الجنابة ، فيمنع ذلك من تنجّز الخطاب على المكلّف ، كالأغسال الزمانيّة والمكانيّة ، وما هي مقدّمة لبعض الأفعال ، كالزيارة وغيرها ، فتكون هذه الرواية حاكمة على أدلّتها ، كما أنّها حاكمة على سائر الأدلّة على وجوب الأغسال بعناوينها الخاصّة ، لأنّ مفاد هذه الرواية حصول ما هو المقصود من تلك الأوامر بغسل الجنابة ، فهي قرينة على التصرّف في الجميع ، إلّا أنّك عرفت أنّها بنفسها مقيّدة ـ بحكم العقل ـ بصورة إمكان حصول المقصود من غيره به ، وهو في غير ما لو تأخّر سبب مطلوبيّة نفس الغسل من غسل الجنابة ، فلا تعارض العمومات المقتضية لسببيّة مس الميّت أو قتل الوزغة مثلا للغسل ، بل العمومات واردة عليها من هذه الجهة ، كما لا يخفى على المتأمّل.
وقد يتمسّك لكفايته عن المستحبّ : بفحوى ما عن الفقيه أنّه روي في أبواب الصوم «من جامع في أوّل شهر رمضان ثم نسي حتى خرج شهر رمضان أنّ عليه أن يغتسل ويقضي صلاته وصومه إلّا أن يكون قد اغتسل للجمعة ، فإنّه يقضي صلاته وصومه إلى ذلك اليوم ولا يقضي ما بعد ذلك» (١).
ولكنّك خبير بما في الفحوى ، لإمكان منع المساواة ، فضلا عن الأولويّة ، خصوصا مع اختصاصها بالناسي.
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٧٤ ـ ٣٢١ ، الوسائل ، الباب ٣٠ من أبواب من يصح منه الصوم ، الحديث ٢.