ـ أعني اتّحاد طبيعة الحدث أو ماهيّة الغسل ـ يضعفهما بل يردهما ـ مضافا إلى ظواهر أدلّة الأغسال كما عرفت تحقيقه في صدر المبحث بما لا مزيد عليه ـ ظواهر أكثر أدلّة التداخل ، بل نفس هذه الرواية ، فإنّ قوله عليهالسلام : «فإذا اجتمعت لله عليك حقوق أجزأك غسل واحد» كالصريح في تعدّد الحقوق التي أريد بها الأغسال التي اشتغلت بها ذمّة المكلّف بواسطة أسبابها.
وتوهّم أنّ إطلاق الحقوق على ما اشتغلت به الذمّة بلحاظ تعدّد أسبابه لا تعدّد ما في الذمّة ، مدفوع : بكونه تأويلا بعيدا ، خصوصا مع مغروسيّة كون الأغسال المسبّبة عن الأسباب المختلفة بالنوع تكاليف متعدّدة في أذهان المتشرّعة ، كما يكشف عن ذلك أنّه لا يكاد يرتاب أحد منهم في أنّ من اغتسل يوم الجمعة للجنابة والجمعة والزيارة وغيرها من الأسباب يستحقّ بعمله مقدارا من الأجر لا يستحقّ هذا المقدار على تقدير تجرّده عن بعض هذه العناوين ، فهذا دليل على أنّ العناوين المتكثّرة لديهم من الجهات المحسنة للفعل.
وممّا يدلّ أيضا على اختلاف ماهيّة الأغسال وكونها أنواعا مختلفة :قوله عليهالسلام : «كلّ غسل قبله الوضوء إلّا غسل الجنابة» (١) فإنّ ظاهره إرادة العموم بالنسبة إلى أنواع الغسل لا أفراده ، كما يشهد له استثناء غسل الجنابة.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٤٥ ـ ١٣ ، التهذيب ١ : ١٣٩ ـ ٣٩١ ، الإستبصار ١ : ١٢٩ ـ ٤٢٨ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب الجنابة ، الحديث ١.