والأغسال المسبّبة عنها المزيلة لأثرها ذاتا بخروج هذا الغسل المجزئ عن الجميع من تحت جميع العناوين ، وكونه طبيعة أخرى مغايرة للكلّ ، نظرا إلى استحالة صيرورة شيئين شيئا واحدا ، فهو أمر آخر مغاير لجميع الأغسال ذاتا وقد جعله الشارع مجزئا عن الكلّ تعبّدا. وتسمية الأغسال متداخلة مسامحة نشأت عن المشابهة الصورية بين الأغسال وبين هذا الأمر الأجنبي ، وقد تفصّى بما التزمه عن إشكال اجتماع الوجوب والاستحباب في الواحد الشخصي بدعوى خروجه من موضوع كلا الحكمين ، فهو في حدّ ذاته لا واجب ولا مستحبّ ولكنّه مجزئ عنهما تعبّدا (١) ، أو الطبيعتين بقيد الوجوب موجودا واحدا ، وأمّا إيجاد الطبيعتين بوجود واحد فلا استحالة فيه ، بل شائع ذائع قلّما يوجد موجود لا يوجد بوجوده مفاهيم لا تحصى.
هذا ، مع أنّ ما ارتكبه من التكلّف ممّا لا يجدي أصلا ، ضرورة أنّ هذه الطبيعة المغايرة للغسل إذا فرضنا كونها مجزئة عن غسل الجنابة ، وكذا عن غيره من الأغسال ، فلا محالة تكون أحد فردي الواجب المخيّر ، فيعود المحذور الذي فرّ منه.
بيان ذلك : أنّ الالتزام بتأثير كلّ واحد من الجنابة والحيض مثلا في حصول أثر مغاير للأثر الحاصل من الآخر ، ووجوب إزالة أثر كلّ منهما بالغسل المخصوص به ، وقيام هذه الطبيعة الثالثة مقام غسليهما ينحلّ بنظر
__________________
(١) انظر : جواهر الكلام ٢ : ١٢٩.