العصر فذكر أنّه ترك عضوا من أعضاء الطهارة بعد أن حكى عن الشيخ أنّه يعيد الظهر فقط ، وعن الشافعي يعيد الظهر ، وفي إعادة العصر قولان : قال ابن إدريس مصنّف هذا الكتاب : والذي يقوى في نفسي وتقتضيه أصول مذهبنا أنّه يعيد الصلاتين معا الظهر والعصر ، لأنّ الوضوء الثاني ما استبيح به الصلاة ولا رفع الحدث ، وإجماعنا منعقد على أنّه لا يستباح الصلاة إلّا بنيّة رفع الحدث أو نيّة استباحة الصلاة بالطهارة ، فأمّا إن توضّأ الإنسان بنيّة دخول المساجد والكون على الطهارة أو الأخذ في الحوائج ، لأنّ الإنسان يستحبّ له أن يكون في هذه المواضع على طهارة ، فلا يرتفع حدثه ولا يستبيح بذلك الوضوء الدخول في الصلاة ، وإلى هذا القول والتحرير ذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي ـ رحمهالله ـ في جواب المسائل الحلبيّات التي سئل عنها ، فأجاب بما حرّرناه (١). انتهى.
أقول : ظاهر كلامه رحمهالله صحّة الوضوء في الصور المفروضة ، ووقوعه على وجه الطهورية ، ومع ذلك لا يرتفع به الحدث ، ولا يستباح به الصلاة ، وهو كما تراه مخالف لما يظهر من كلمات الأصحاب من أنّ الطهارة والحدث إمّا متناقضان أو متضادّان فلا يجتمعان ، ولكنّك ستعرف في مبحث التيمّم إمكان الالتزام باجتماعهما ببعض التقريبات التي لا تخلو عن التأمّل.
وكيف كان فـ (الأظهر أنّه لا تجب) نيّة شيء منهما ، كما صرّح به غير واحد من مشايخنا (٢).
وعن جملة من المتأخّرين اختياره ، بل ربما نسب ذلك إلى جميع
__________________
(١) السرائر ١ : ١٠٥.
(٢) جواهر الكلام ٢ : ٨٩ و ٩٢ ، كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٨٧.