بسم الله الرحمن الرحيم
قال سيدنا ومولانا الشيخ الإمام العالم العلّامة جمال الدين رحلة الطّالبين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن هشام ، الأنصارى ، قدس الله روحه ، ونوّر ضريحه (١)
أما بعد حمد الله على إفضاله ، والصلاة والسّلام على سيدنا محمد وعلى آله ، فإنّ أولى ما تقترحه القرائح ، وأعلى ما تجنح إلى تحصيله الجوانح ، ما يتبسر به فهم كتاب الله المنزل ، ويتضح به معنى حديث نبيه المرسل ، فإنهما الوسيلة إلى السعادة الأبدية ، والذّريعة إلى تحصيل المصالح الدينية والدنيوية ، وأصل ذلك علم الإعراب ، الهادى إلى صوب الصواب ، وقد كنت فى عام تسعة وأربعين وسبعمائة أنشأت بمكة زادها الله شرفا كتابا فى ذلك ، منوّرا من أرجاء قواعده كلّ خالك ، ثم إننى أصبت به وبغيره فى منصرفى إلى مصر ، ولما منّ الله [تعالى] علىّ فى عام ستة وخمسين بمعاودة حرم الله ، والمجاورة فى خير بلاد الله ، شمّرت عن ساعد الاجتهاد ثانيا ، واستأنفت العمل لا كسلا ولا متوانيا ، ووضعت هذا التصنيف ، على أحسن إحكام وترصيف ، وتتبّعت فيه مقفلات مسائل الإعراب فافتتحتها ، ومعضلات يستشكلها الطلاب فأوضحتها ونقّحتها ، وأغلاطا وقعت لجماعة من المعربين وغيرهم فنبهت عليها وأصلحتها.
فدونك كتابا تشدّ الرّحال فيما دونه ، وتقف عنده فحول الرجال ولا يعدونه ، إذ كان الوضع فى هذا الغرض لم تسمح قريحة بمثاله ، ولم ينسج ناسج على منواله
ومما حثّنى على وضعه أننى لما أنشأت فى معناه المقدمة الصغرى المسماة بـ «الإعراب عن قواعد الإعراب» حسن وقعها عند أولى الألباب ، وسار نفعها فى جماعة الطلاب مع أن الذى أودعته فيها بالنسبة إلى ما ادّخرته عنها كشذرة من عقد نحر ، بل
__________________
(١) تختلف النسخ فى هذه التقدمة ، وظاهر أنها ليست من كلام المؤلف