وإن وقع النفى فى حيزها اقتضى السّلب عن كل فرد ، كقوله عليه الصلاة والسّلام ـ لما قال له ذو اليدين : أنسيت أم قصرت الصلاة ـ : «كلّ ذلك لم يكن» وقول أبى النجم :
٣٣٢ ـ قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى |
|
علىّ ذنبا كلّه لم أصنع |
[ص ٤٩٨ و ٦١١ و ٦٣٣]
وقد يشكل على قولهم فى القسم الأول قوله تعالى : (وَاللهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ)
وقد صرح الشلوبين وابن مالك فى بيت أبى النجم بأنه لا فرق فى المعنى بين رفع كل ونصبه ، وردّ الشلوبين على ابن أبى العافية إذ زعم أن بينهما فرقا ، والحق ما قاله البيانيون ، والجواب عن الآية أن دلالة المفهوم إنما يعوّل عليها عند عدم المعارض ، وهو هنا موجود ؛ إذ دلّ الدليل على تحريم الاختيال والفخر مطلقا.
الثانية ـ كل فى نحو (كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا) منصوبة على الظرفية باتفاق ، وناصبها الفعل الذى هو جواب فى المعنى مثل (قالُوا) فى الآية ، وجاءتها الظرفية من جهة ما فإنها محتملة لوجهين :
أحدهما : أن تكون حرفا مصدريا والجملة بعده صلة له ؛ فلا محل لها ، والأصل كل رزق ، ثم عبر عن معنى المصدر بما والفعل ، ثم أنيبا عن الزمان ، أى كلّ وقت رزق ، كما أنيب عنه المصدر الصريح فى «جئتك خفوق النّجم» :
والثانى : أن تكون اسما نكرة بمعنى وقت ؛ فلا تحتج على هذا إلى تقدير وقت ، والجملة بعده فى موضع خفض على الصفة ؛ فتحتاج إلى تقدير عائد منها ، أى كل وقت رزقوا فيه.