وناصبها يعلم محذوفا مدلولا عليه بأعلم ، لا بأعلم نفسه ؛ لأن أفعل التفضيل لا ينصب للمفعول به ، فإن أولته بعالم جاز أن ينصبه فى رأى بعضهم ، ولم تقع اسما لأنّ ، خلافا لابن مالك ، ولا دليل له فى قوله :
٢٠٠ إن حيث استقرّ من أنت راعي |
|
ه حمّى فيه عزّة وأمان |
لجواز تقدير حيث خبرا ، وحمى اسما ، فإن قيل : يؤدى إلى جعل المكان حالا فى المكان ، قلنا : هو نظير قولك «إنّ فى مكّة دار زيد» ونظيره فى الزمان «إنّ فى يوم الجمعة ساعة الإجابة».
وتلزم حيث الإضافة إلى جملة ، اسمية كانت أو فعلية ، وإضافتها إلى الفعلية أكثر ، ومن ثمّ رجح النصب فى نحو «جلست حيث زيد أراه» وندرت إضافتها إلى المفرد كقوله :
٢٠١ ـ [ونطعنهم تحت الكلى بعد ضربهم |
|
ببيض المواضى] حيث لىّ العمائم |
[أنشده ابن مالك] والكسائى يقيسه ، ويمكن أن يخرج عليه قول الفقهاء «من حيث أن كذا». وأندر من ذلك إضافتها إلى جملة محذوفة كقوله :
٢٠٢ ـ إذا ريدة من حيث ما نفحت له |
|
أتاه بريّاها خليل يواصله (١) |
أى إذا ريدة نفحت له من حيث هبّت ، وذلك لأن ريدة فاعل بمحذوف يفسره نفحت ، فلو كان نفحت مضافا إليه حيث لزم بطلان التفسير ؛ إذ المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف ، وما لا يعمل لا يفسر عاملا ، قال أبو الفتح فى كتاب التمام : ومن أضاف حيث إلى المفرد أعربها ، انتهى ، ورأيت بخط الضابطين :
__________________
(١) ريدة : أى ريح لينة الهبوب ، و «ما» زائدة ، ونفحت : فاحت