عامل واحد لمتعلقين بمعنى واحد ، لا تقول : ضربت زيدا عمرا ، ولا يكون «مثل» تأكيدا لكذلك ، لأنه أبين منه ، كما لا يكون زيد من قولك «هذا زيد يفعل كذا» توكيدا لهذا لذلك ، ولا خبرا لمحذوف بتقدير : الأمر كذلك ؛ لما يؤدّى إليه من عدم ارتباط ما بعده بما قبله.
قلت : مثل بدل من كذلك ، أو بيان ، أو نصب بيعلمون ، أى لا يعلمون اعتقاد اليهود والنصارى ، فمثل بمنزلتها فى «مثلك لا يفعل كذا» أو نصب بقال (١) ، أو الكاف مبتدأ والعائد محذوف ، أى قاله ، وردّ ابن الشجرى ذلك على مكى بأن قال : قد استوفى معموله وهو مثل ، وليس بشىء ؛ لأن مثل حينئذ مفعول مطلق أو مفعول به ليعلمون ، والضمير المقدّر مفعول به لقال.
والمعنى الرابع : المبادرة ، وذلك إذا اتصلت بما فى نحو «سلّم كما تدخل» و «صلّ كما يدخل الوقت» ذكره ابن الخبّاز فى النهاية ، وأبو سعيد السيرافى ، وغيرهما ، وهو غريب جداً.
والخامس : التوكيد ، وهى الزائدة نحو (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) قال الأكثرون : التقدير ليس شىء مثله ؛ إذ لو لم تقدّر زائدة صار المعنى ليس شىء مثل مثله ؛ فيلزم المحال. وهو إثبات المثل ، وإنما زيدت لتوكيد نفى المثل ؛ لأن زيادة الحرف بمنزلة إعادة الجملة ثانيا ، قاله ابن جنى ، ولأنهم إذا بالغوا فى نفى الفعل عن أحد قالوا : «مثلك لا يفعل كذا» ومرادهم إنما هو النفى عن ذاته ، ولكنهم إذا نفوه عمن هو على أخصّ أوصافه فقد نفوه عنه.
وقيل : الكاف فى الآية غير زائدة ، ثم اختلف ؛ فقيل : الزائد مثل ، كما زيدت فى (فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ ما آمَنْتُمْ بِهِ) قالوا : وإنما زيدت هنا لتفصل الكاف من الضمير ، اه.
__________________
(١) قال : المراد لفظ قال الأول ، أى وقال الذين لا يعلمون مثل قول اليهود ، ويكون قوله كذلك معمولا لقال الثانى على هذا