أن يكون البيتان المذكوران هكذا ؛
وأمّا تقديم معمول الشرط على أداته ، فأجازه الكسائي ، دون الفراء ؛
واعلم أنه إذا تقدم على أداة الشرط ما هو جواب من حيث المعنى ، فليس عند البصريين بجواب له لفظا ، لأنّ للشرط صدر الكلام ، بل هو دالّ عليه ، وكالعوض منه ؛
وقال الكوفيون : بل هو جواب في اللفظ أيضا ، لم يجزم ولم يصدّر بالفاء لتقدمه ، فهو عندهم ، جواب واقع في موقعه ، كما ذكرنا ؛ وإنما ينجزم على الجوار إذا تأخر عن الشرط ، وذلك نحو : أضرب إن ضربتني ، ف «أضرب» جواب من حيث المعنى اتفاقا ، لتوقف مضمونه على حصول الشرط ، ولهذا لم يحكم بالإقرار في قولك : له عليّ ألف ، إن دخلت الدار ، وعند البصرية ، أيضا ، لا يقدر مع هذا المتقدم جواب آخر للشرط وإن لم يكن جوابا للشرط ، لأنه ، عندهم ، يغني عنه ، فهو مثل «استجارك» (١) المذكور الذي هو كالعوض من المقدّر ، إذا ذكرت أحدهما لم تذكر الآخر ، ولا يجوز عندهم أن يقال : هذا المقدم هو الجواب الذي كان مرتبته التأخر عن الشرط ، تقدّم على أداته ؛ لأنه لو كان هو الجواب ، للزم جزمه ، وللزم الفاء في نحو : أنت مكرم إن أكرمتني ، ولجاز : ضربت غلامه إن ضربت زيدا ، على أن الضمير في «غلامه» لزيد ، فمرتبته الجزاء عند البصرية بعد الشرط ، وعند الكوفيّة قبل الأداة ، كما مرّ ؛
وقد تدخل الواو على «ان» المدلول على جوابها بالمتقدم ، ولا تدخل إلا إذا كان ضدّ الشرط المذكور أولى بذلك المتقدم الذي هو كالعوض من الجزاء : من (٢) ذلك الشرط ، كقولك : أكرمه وإن شتمني ، فالشتم بعيد من إكرامك للشاتم ، وضدّه وهو المدح أولى بالاكرام ؛ وكذلك قوله : اطلبوا العلم ولو بالصين ؛ والظاهر أن الواو الداخلة على كلمة الشرط في مثله : اعتراضية ، ونعني بالجملة الاعتراضية : ما يتوسط بين أجزاء الكلام ، متعلقا به معنى ، مستأنفا لفظا على طريق الالتفات ، كقوله :
__________________
(١) يعني في قوله تعالى : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) التوبة : آية ٦ ؛
(٢) متعلق بقوله : أولى بذلك المتقدم ؛