وكذا «أم» ، جرّدت عن معنى الاستفهام وجعلت بمعنى «أو» ، لأنها مثلها في إفادة أحد الشيئين أو الأشياء ، فمعنى سواء عليّ أقمت أم قعدت : إن قمت أو قعدت ؛ ويرشدك إلى أن «سواء» سادّ مسدّ جواب الشرط ، لا خبر مقدّم : أن معنى سواء أقمت أم قعدت ، ولا أبالي أقمت أم قعدت ، في الحقيقة ، واحد ، و : لا أبالي ، ليس خبرا لمبتدأ ، بل المعنى : إن قمت ، أو قعدت فلا أبالي بهما ، وقول ابن سينا (١) :
٨٩٥ ـ سيّان عندي إن برّوا وإن فجروا |
|
فليس يجري على أمثالهم قلم (٢) |
يقوّي ذلك ؛ وإن لم يكن الاستشهاد بمثله مرضيّا ؛
وأمّا مجيء الهمزة وأم ، أو الهمزة وأو ، بعد باب : دريت وعلمت ، نحو : ما أدري أزيد عندك أم عمرو ، ولا أعلم أزيد عندك أو عمرو ، فليس من هذا الباب ، إذ لا معنى للشرط فيه ، كما في الذي نحن فيه ؛
وإن قصدت معنى التسوية في الشرط في غير لفظي سواء وما أبالي ، فالغالب التصريح بأو في موضع أم ، بلا همزة استفهام قبلها ، نحو : لأضربنّه قام أو قعد ، والمعنى ذلك المعنى ، والتقدير ذاك التقدير ، إذ المقصود : إن قام أو قعد فلأضربنّه ، أي قيامه وقعوده مستويان عندي ، لا يمنعني أحدهما من ضربه ؛
ويجب تكرير الشرط سواء كان مع «أو» أو مع «أم» ، لأن المراد : التسوية في الشرط بين شيئين أو أكثر ، فلا يجوز : ما أبالي قام ، ولا : لأضربنه قام ؛
__________________
(١ و ٢) الرئيس ابن سينا ، أبو علي : الحسين بن عبد الله بن سينا أحد حكماء العرب ومن أشهر فلاسفتهم وقد صرح الرضي بأن الاستشهاد بشعره ليس مرضيا ، قال البغدادي : كأن الشارح المحقق لم يحضره قول الفرزدق في قصيدته المشهورة التي مدح بها زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهم ، وهو قوله :
لا ينقص العسر بسطا من أكفهم |
|
سيان ذلك إن أثروا وإن عدموا |
ولو استحضره لما عدل عنه إلى هذا البيت ؛ ثم ذكر ابن سينا ، وقال شيئا من تاريخه وأورد عددا من أبيات قصيدته التي منها هذا البيت وهي قصيدة يتحدث فيها ابن سينا عن نفسه ويذكر عدم إنصاف الزمان له.
ومساواته بمن لا يصل إلى درجته. وفيها مبالغة في الافتخار بنفسه وعلمه وفضله ، رحمه الله ؛