فالحقّ : أن الواو هي العاطفة ، و «إمّا» مفيدة لأحد الشيئين ، غير عاطفة ؛ والواو في نحو قوله : إمّا إلى جنة إما إلى نار : مقدّرة ؛
قوله : «وأم المتصلة ، لازمة لهمزة الاستفهام .. إلى آخره» ؛
اعلم أن «أم» على ضربين : متصلة ومنفصلة ، فالمتصلة تختص بثلاثة أشياء : أحدها تقدم الهمزة ، إمّا للاستفهام نحو : أزيد عندك أم عمرو ، أو للتسوية ، نحو : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ)(١) وقد يجيء شرح همزة التسوية ، وهذه الهمزة قد تكون مقدرة قبل «أم» المتصلة في الشعر ، قال :
٨٨٩ ـ لعمري ما أدري ، وإن كنت داريا |
|
بسبع رمين الجمر أم بثمان (٢) |
وقال :
٨٩٠ ـ لعمرك ما أدري وإن كنت داريا |
|
شعيث ابن سهم أم شعيث ابن منقر (٣) |
وقال :
٨٩١ ـ كذبتك عينك ، أم رأيت بواسط |
|
غلس الظلام من الرّباب خيالا (٤) |
وليس بكثير ؛
وربّما تجيء «هل» قبل المتصلة على الشذوذ ، نحو : هل زيد عندك أم عمرو ؛ وإنما لزمت الهمزة في الأغلب ، دون «هل» ، لأن «أم» المتصلة لازمة لمعنى الاستفهام وضعا ، وهي ، مع أداة الاستفهام التي قبلها ، بمعنى : أيّ الشيئين ، فشاركت همزة الاستفهام
__________________
(١) الآية ٦ سورة المنافقون ؛
(٢) من شعر عمر بن أبي ربيعة ، ويروى فو الله ما أدري .. وقبله :
بدالي منها معصم حين جمّرت |
|
وكف خضيب زيّنت ببنان؟؟؟ |
جمّرت أي رمت الجمار ، في الحج ؛
(٣) شعيث بالثاء المثلثة في آخره ، لا بالباء الموحدة وسهم ، ومنقر من أسماء القبائل ، والبيت من شعر الأسود ابن يعفر ، كما قال سيبويه وقد أورد البيت في ج ١ ص ٤٨٥ ونسبه المبرد إلى اللعين المنقري ؛
(٤) مطلع قصيدة للأخطل التغلبي في هجاء جرير ، وردّ عليه جرير بمثلها وزنا وقافية ؛