مرّ ، في باب الظروف المبنية (١) ؛
والغالب بعد «لا جرم» : الفتح ، قال تعالى : (لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ)(٢) ، فلا ، إمّا ردّ للكلام السابق ، على ما هو مذهب الخليل ، أو زائدة ، كما في : لا أقسم ، لأن في جرم معنى القسم ؛
وجرم ، فعل ماض عند سيبويه والخليل (٣) ، وقال سيبويه ، معنى جرم : حقّ ، فأنّ فاعله ؛ واستشهد بقوله :
٨٣٤ ـ ولقد طعنت أبا عيينة طعنة |
|
جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا (٤) |
برفع فزارة ، وأن يغضبوا : بدل اشتمال منها ؛ أي : حقّ غضب فزارة بعدها ؛ وقال الفراء : بل الرواية : جرمت فزارة ، بنصب فزارة ، أي : كسبت الطعنة فزارة الغضب ، أي : جرمت لهم الغضب ، كقوله تعالى : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ ..)(٥) ، أي : لا يجرمنّ لكم ، وبمثله فسرّ بعضهم الآية ، أي : جرم كفرهم : أن لهم النار ، فأن مفعول جرم ؛
وقال الفراء : هي ، أي لا جرم ، كلمة كانت في الأصل بمعنى : لا بدّ ، ولا محالة ، لأنه يروى عن العرب : لا جرم ، والفعل والفعل (٦) ، يشتركان في المصادر ، كالرّشد والرّشد ، والبخل والبخل ؛ والجرم : القطع ، أي : لا قطع من هذا ، كما أن : لا بدّ ، بمعنى : لا قطع ؛ فكثرت وجرت على ذلك حتى صارت بمعنى القسم للتأكيد الذي فيها ، فلذلك تجاب بما يجاب به القسم فيقال : لا جرم لآتينّك ، ولا جرم لقد أحسنت ، ولا
__________________
(١) في الجزء الثالث ؛
(٢) من الآية ٦٢ في سورة النحل ؛
(٣) تفصيل الكلام على : لا جرم في سيبويه ج ١ ص ٤٦٩ وفيه الشاهد الآتي ؛
(٤) في سيبويه ج ١ ص ٤٦٩ نسبة للغزاري ، ولم يزد الأعلم على أن قال : انه لرجل من فزارة ؛ ولم يعرف المراد من قوله : أبا عيينة ؛
(٥) في الآيتين : ٢ ، ٨ من سورة المائدة ؛
(٦) يعني المصدرين اللذين على هذين الورقتين ؛