لك إنيّ لم أقبض نبيا من أنبيائي ولا رسولاً من رسلي إلاّ بعد إكمال ديني وتأكيد حجّتي ، وقد بقي عليك من ذاك فريضتان ممّا يحتاج الى أن تبلّغهما قومك : فريضة الحجّ ؛ وفريضة الولاية والخلافة من بعدك ، فإنّي لم أخل ارضي من حجة ولن أخليها أبداً ، فإن الله جلّ ثناؤه يأمرك ان تبلِّغ قومك الحجّ ، تحج ويحج معك كلّ من استطاع اليه سبيلاً من أهل الحضر والأطراف والأعراب ، وتُعلِّمهم من حجّهم مثل ما علّمتهم من صلاتهم وزكاتهم وصيامهم ، وتوقّفهم من ذلك على مثال الذي أوقفتهم عليه من جميع ما بلّغتهم من الشرائع.
قال : فنادى منادي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في الناس : ألا إنَّ رسول الله يريد الحجّ وان يعلِّمكم من ذلك مثل الذي علَّمكم من شرائع دينكم ويوقفكم من ذاك على مثل ما أوقفكم عليه من غيره.
فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وخرج معه الناس وأصغوا اليه لينظروا ما يصنع فيصنعوا مثله ، فحج بهم وبلغ من حجّ مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أهل المدينة وأهل الأطراف والأعراب سبعين ألف إنسان ، أو يزيدون على نحو عدد أصحاب موسى عليهالسلام السبعين ألفاً الذين أخذ عليهم بيعة هارون عليهالسلام فنكثوا البيعة واتبعوا العجل والسامريّ ، وكذلك رسول الله أخذ البيعة لعلي بن ابي طالب عليهالسلام بالخلافة على عدد اصحاب موسى عليهالسلام فنكثوا البيعة واتّبعوا العجل سنة بسنة ومثلا بمثل. واتصلت التلبية ما بين مكّة والمدينة.
فلمّا وقف بالموقف أتاه جبرئيل عليهالسلام عن الله تعالى فقال :
يا محمد ان الله عزّ وجلّ يقرؤك السلام ويقول لك : انه قد دنا أجلك وحانت مدحتك وأنا مستقدمك على ما لابد منه ولا عنه محيص ، فاعهد عهدك وقدم وصيّتك واعمد الى ما عندك من العلم ، وميراث علوم الانبياء من قبلك