قالت : ادخل هذه العين فامش فيها تبلغ قومك ، قال : فدخلها فجعل لا يرفع قدمه إلّا زيد في علمه ، فانتهى إلى قومه ، فأحيا لهم التوراة والسّنّة.
وأما الهدهد فإن سليمان صلىاللهعليهوسلم نزل منزلا فلم يدر ما بعد الماء ، فسأل عن بعد الماء ، فقالوا : الهدهد ، فعند ذلك تفقّده.
أخبرني أبو القاسم الواسطي ، أخبرنا أبو بكر الخطيب ، أنبأنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي ـ بنيسابور ـ حدّثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم ، حدّثنا يحيى بن جعفر ، ويعرف بابن أبي طالب ، أخبرنا أبو المنذر إسماعيل بن عمر ، حدّثنا البراء بن سليم الضّبّي ، حدّثنا زيد البجلي أبو رجاء قال : قال ابن عباس [سألت] كعبا عن تبّع ، فإني أسمع الله يذكر في القرآن قوم تبّع ولا يذكر تبّعا ، قال : بلى ، أخبرك عن تبّع ، إن تبّعا كان رجلا من أهل اليمن ملكا منصورا ، فسار بالجيوش حتى [إذا] انتهى إلى سمرقند ، رجع أو انصرف فأخذ طريق الشام فأسر بها أحبارا فانطلق بهم أسراء معه نحو اليمن وقد أعجبه قول الأحبار وصغى إليه حتى إذا دنا من مكة طار في الناس أنه هادم الكعبة ، ودخل عليه الأحبار ، فقالوا (١) : ما هذا الذي تحدث به نفسك ، إن هذا البيت لله وإنك لم تسلط عليه ، فقال : إن هذا لله وإن أحق من خرب أو هدم هذا البيت أنا (٢) ـ شك أبو بكر يحيى بن أبي طالب ـ فأسلم مكانه وأحرم ، فدخلها محرما فقضى نسكه ثم انصرف نحو اليمن راجعا حتى قدم على قومه باليمن ، فدخل عليه أشرافهم ، فقالوا : يا تبّع أنت سيدنا وابن سيدنا خرجت من عندنا على دين وجئت على غيره ، فاختر منا أحد أمرين : إمّا أن تخلينا وملكنا وتعبد ما شئت ، وإمّا أن تذر دينك الذي أحدثت ، وبينهم يومئذ نار تنزل من السماء ، فقال الأحبار عند ذلك : اجعل بينك وبينهم النار ، [فتواعد القوم جميعا على أن جعلوا بينهم النار ، فجيء بالأحبار وكتبهم وجيء بالأصنام وعمالها وقدموا جميعا إلى النار] (٣) وقامت الرجال خلفهما بالسيوف فهدرت النار هدير الرعد [ورمت] (٤) شعاعا لها فنكصوا أصحاب الأصنام ، وأقبلت النار فأحرقت الأصنام وعمالها وسلم الآخرون ، وأسلم قوم واستسلم قوم ، فلبثوا بذلك عمر تبّع حتى إذا
__________________
(١) بالأصل «فقال».
(٢) بياض بالأصل وم مقدار كلمة ، والكلام متصل في المطبوعة ، إذ يبدو أن لا نقص فيها.
(٣) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم واستدرك عن المطبوعة ١٠ / ٤١١.
(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل وم واستدرك عن المطبوعة ١٠ / ٤١١.