ثابت المقرئ ، حدّثني أبي ، حدّثنا الهذيل بن حبيب ، عن مقاتل بن سليمان في قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) نزلت في بديل بن أبي مارية مولى العاص بن وائل السهمي كان خرج مسافرا في البحر إلى أرض النجاشي ومعه رجلان نصرانيّان أحدهما يسمّى تميم بن أوس الداري وكان من لخم ، وعدي بن بندا (١). فمات بديل (٢) وهم في السفينة في البحر. قال : (حِينَ الْوَصِيَّةِ) وذلك أنه كتب وصيته ، ثم جعله في متاعه ، ثم دفعه إلى تميم وصاحبه ، وقال لهما : بلّغا هذا المتاع أهلي. فجاءا ببعض المتاع ، وحبسا جاما من فضة مموّها بالذهب ، فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ) يقول : عند الوصية يشهد وصيته (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ) من المسلمين في دينهما (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) يعني من غير أهل دينكم النصرانيين تميم الداري وعدي بن بيدا (٣) (إِنْ أَنْتُمْ) يا معشر المسلمين (ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ) يعني بديل (٤) بن أبي مارية حين انطلق تاجرا في البحر ، فانطلق معه تميم وعديّ صاحباه فحضره الموت فكتب وصية ثم جعله في المتاع ، فقال : أبلغا هذا المتاع أهلي ، فلما مات بديل (٥) قبضا المال فأخذا منه ما أعجبهما وكان فيما أخذا إناء من فضة فيهما ثلاثمائة مثقال منقوشا مموها بالذهب. فلما رجعا (٦) من تجارتهما دفعا بقية المال إلى ورثته ، ففقدوا بعض متاعه ، فنظروا إلى الوصية ووجدوا المال فيه تاما لم يبع منه ولم يهب. فكلموا تميما وصاحبه فسألوهما : أهل باع صاحبنا شيئا أو اشترى فخسر فيه ، أو طال مرضه وأنفق على نفسه؟ قالا : لا ، قالوا : فإنا قد افتقدنا بعض ما أبدى به صاحبنا ، قالا : ما لنا علم بما أبدى ولا بما كان في وصيته ، ولكنه دفع إلينا هذا المال فبلغناكما (٧) إياه. فرفعوا أمرهما إلى النبي صلىاللهعليهوسلم فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) يعني بديل (٨) بن أبي مارية (اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) من المسلمين عبد الله بن عمرو بن العاص والمطّلب بن أبي وداعة السهميان (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ)
__________________
(١) كذا بالأصل هنا بالنون بين الموحدة والدال «بندا» وقد أشار إلى هذا ابن حجر في ترجمته في الإصابة وفي م : «لخم وعدي سدا».
(٢ و ٤ و ٦ و ٨) بالأصل وم «بزيل» والمثبت بالدال عن مختصر ابن منظور ٥ / ٣١٦.
(٣) كذا بالأصل وم هنا.
(٥) بالأصل : «رجعنا» والمثبت عن المختصر.
(٧) في المختصر : فبلغناكم.