أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنبأنا شجاع بن علي ، أنبأنا عبد الله بن مندة ، قال : الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي عداده في أهل الحجاز ، وكان شريفا مذكورا أسلم يوم فتح مكة ، وكانت أمّ هانئ استأمنت له ، فأمّنه ، خرج في زمان عمر إلى الشام فلم يزل بها حتى قتل باليرموك ، قاله ابن أبي خيثمة عن مصعب بن عبد الله الزبيري. وقيل مات في طاعون عمواس ، انتهى.
أخبرنا أبو غالب بن البنّا ، أنبأنا أبو الحسين بن الآبنوسي ، أنبأنا إبراهيم بن محمّد بن الفتح ، أنبأنا محمّد بن سفيان بن موسى ، نبأنا سعيد بن رحمة بن نعيم ، قال : سمعت ابن المبارك ، عن الأسود بن شيبان السّدوسي ، عن أبي نوفل بن أبي عقرب قال : خرج الحارث بن هشام من مكة فجزع أهل مكة جزعا شديدا ، فلم يبق أحد يطعم إلّا خرج يشيّعه ، حتى إذا كان بأعلى البطحاء أو حيث شاء الله تعالى من ذلك وقف ، ووقف الناس حوله يبكون فلما رأى جزع الناس قال : يا أيّها الناس إنّي والله ما خرجت رغبة بنفسي عن أنفسكم ، ولا اختيار بلد عن بلدكم ، ولكن كان هذا الأمر فخرجت فيه رجال من قريش ، والله ما كانوا من ذوي أنسابها ولا في بيوتاتها ، فأصبحنا ـ والله ـ لو أن جبال مكة ذهبا فأنفقناها في سبيل الله عزوجل ما أدركنا يوما من أيامهم ، وأيم الله لئن فاتونا به في الدنيا لنلتمسنّ أن نشاركهم في الآخرة فاتّقى الله امرؤ. فتوجّه غازيا إلى الشام ، واتبعه ثقله فأصيب شهيدا (١).
أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ، قالا : أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلّص ، أنبأنا أحمد بن سليمان بن الزبير ، قال : قال عمي مصعب (٢) : وخرج ـ يعني الحارث ـ في زمن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما بأهله وماله من مكة إلى الشام فتبعه أهل مكة يبكون عليه فرقّ (٣) فبكى. فقال : أما لو كنا نستبدل دارا بدار وجارا بجار ما أردنا بكم بدلا ولكنها النقلة إلى الله تبارك وتعالى. ولم يزل حابسا نفسه ومن معه بالشام مجاهدا ، [حتى مات] (٤) ولم يبق من أهله وولده غير عبد الرحمن وأمّ
__________________
(١) الاستيعاب ١ / ٣١٠ ـ ٣١١ سير الأعلام ٢ / ٤٢٠ ـ ٤٢١.
(٢) نسب قريش ص ٣٠٢.
(٣) نسب قريش : فوقف ، فبكى.
(٤) الزيادة عن نسب قريش.