فلا تحقرن يا حار شيئا أصبته |
|
فحظك من مال (١) العراقين سرّق |
فإن جميع الناس إمّا مكذّب |
|
يقول بما يهوى وإمّا مصدّق |
يقولون أقوالا بظنّ وشبهة |
|
فإن قيل هاتوا حقّقوا لم يحققوا |
ولا تعجزنّ فالعجز أوطى مركب |
|
فما كل من يدلي (٢) إلى الرزق يرزق |
فقال [له] حارثة :
جزاك إله (٣) الناس خير جزائه |
|
فقد قلت معروفا وأوصيت كافيا |
ستلقى أخا يصفيك بالودّ حاضرا |
|
ويوليك حفظ الغيب إن كنت نائيا |
أمرت بحزم لو أمرت بغيره |
|
لألفيتني فيه لأمرك عاصيا (٤) |
وأيسر ما عندي المواساة مسمحا |
|
إذا لم يجد يوما صديقا مواسيا |
أخبرنا أبو العز بن كادش ـ إذنا ومناولة وقرأ علي إسناده ـ ، أنبأنا أبو علي الجازري ، أنبأنا أبو الفرج المعافى بن زكريا (٥) ، أنبأنا محمد بن القاسم الأنباري ، حدثني محمد بن المرزبان ، حدثنا المغيرة بن محمد المهلّبي ، أنبأنا العتبي ، قال : كان حارثة بن بدر الغداني صديقا لزياد بن أبيه وكان أبو الأسود مؤاخيا لحارثة بن بدر ، فقلّد زياد حارثة بن بدر سرّق فكتب إليه [أبو] الأسود :
أحار ابن بدر قد وليت إمارة |
|
فكن جرذا فيها تفوق (٦) وتسرق |
وباه تميما بالغنى إن للغنى |
|
لسانا به المرء الهيوبة (٧) ينطق |
ولا تحقرن يا حار شيئا أصبته |
|
فحظك من ملك العراقين سرّق |
فإني رأيت الناس إمّا مكذب |
|
يقول بما تهوى وإما مصدق |
يقولون أقوالا بظنّ وشبهة |
|
فإن قيل هاتوا حققوا لم يحقق |
__________________
(١) الأغاني : ملك.
(٢) الأغاني : يدعى.
(٣) الأغاني : مليك.
(٤) وقد ورد هذا البيت قبل قوله جزاك إله الناس وكرر هنا ، فحذفناه من هناك وتركناه هنا في موضعه فقد ورد في الأغاني ٨ / ٤٠٦ أولا : جزاك إله ....
(٥) الخبر والشعر في الجليس الصالح الكافي ط بيروت ٣ / ٢٠٠.
(٦) في الجليس الصالح : تعقّ.
(٧) بالأصل «المهوبة» والمثبت عن الجليس الصالح.