عبد الوهاب بن أبي حية ، أنا محمد بن شجاع الثلجي أنا محمد بن عمر قال (١) : وحدّثني إسماعيل بن عطية بن عبد الله [عن أبيه ، عن جابر بن عبد الله](٢) قال : لما انصرفنا راجعين ـ يعني في غزوة ذات الرّقاع ـ فكنا بالشّقرة (٣) قال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا جابر ما فعل دين أبيك؟» فقلت : عليه ، انتظرت يا رسول الله أن نجذّ نخله ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إذا جذذت فأحضرني». قال : قلت : نعم ، قال : «من صاحب دين أبيك؟» فقلت : أبو الشحم اليهودي ، له على أبي سقة (٤) من تمر. فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فمتى تجذّها؟» قال : قلت : غدا. قال : «يا جابر : فإذا جذذتها فاعزل العجوة على حدتها ، وألوان التمر على حدتها». قال : ففعلت ، فجعلت الصيحاني (٥) على حدة ، وأمهات الجرادين على حدة ، والعجوة على حدة ، ثم عمدت إلى جمّاع من التمر ، مثل نخبة وقرن وشقمة (٦) وغيرها من أنواع ، وهو أقل التمر ، فجعلته حبلا واحدا ، ثم جئت رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأخبرته ، فانطلق رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومعه أصحابه فدخلوا الحائط ، وحضر أبو الشحم. قال : فلما نظر رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى التمر مصنّفا قال : «اللهم بارك له» ، انتهى إلى العجوة فمسّها بيده وأصناف التمر ، ثم جلس وسطها ، ثم قال : «ادع غريمك» ، فجاء أبو الشحم فقال : اكتل ، فاكتال حقّه كله من حبل واحد وهو العجوة ، وبقية التمر كما هو ، فقال : «يا جابر ، هل بقي على أبيك شيء؟» قال : لا ، وبقي سائر التمر؟ فأكلنا منه دهرا وبعنا منه حتى أدركت الثمرة من قابل ولقد كنت أقول : لو بعت أصلها ما بلغت ما على أبي من الدّين فقضى الله ما على أبي من الدين فلقد [رأيتني](٧) والنبي صلىاللهعليهوسلم يقول لي : «ما فعل دين أبيك» ، فقلت قد قضاه الله. قال : «اللهم اغفر لجابر» ، فاستغفر لي في ليلة خمسة (٨) وعشرين مرة [٢٧٨٥].
__________________
(١) الخبر في مغازي الواقدي ١ / ٤٠١.
(٢) الزيادة عن الواقدي.
(٣) ذكرها ياقوت ولم يحددها ، وهي موضع بطريق فيد بين جبال حمر ، على يومين من المدينة وفاء الوفاء السمهودي ٢ / ٣٣٠.
(٤) السقة جمع وسق وهو الحمل ، وقدره الشرع بستين صاعا. (النهاية).
(٥) الصيحاني : ضرب من تمر المدينة ، أسود ، صلب الممضغة (اللسان).
(٦) الشقمة : جنس من التمر ، وفي مغازي الواقدي : «شقحة» بالحاء المهملة ، وهي البسرة المتغيرة إلى الحمرة (اللسان : شقح).
(٧) بياض بالأصل ، والمستدرك عن مغازي الواقدي ١ / ٤٠٢.
(٨) كذا.